بالرمز أو بإيماء، وسواء كان المنقول من الأعمال أو الأقوال، وسواء كان ذلك المنقول عيبا ونقصانا من المنقول عنه أو لم يكن. فحقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه، وكل ما رآه الإنسان من أحوال الناس فينبغي أن يسكت عنه إلا أن يكون في حكايته فائدة للمسلمين، أو دفع لمعصية كما إذا رأى من يتناول مال غيره فعليه أن يشهد به لحق المشهود له، فأما إذا رآه يخفي مالا لنفسه فذكره فهو نميمة وإفشاء سر، فإن كان ما ينم به نقصانا وعيبا في المحكي عنه كان قد جمع بين الغيبة والنميمة، والباعث على النميمة إما إرادة السوء بالمحكي عنه، أو إظهار الحب للمحكي له، أو التفرج بالحديث، أو الخوض في الفضول. وفي الحديث:(لا يدخل الجنة قتات (١)؛ أي نمام رواه البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والمنذري. وقيل النمام الذي يكون مع جماعة يتحدثون حديثا فينم عليهم وهم يعلمون: والقتَّات الذي يستمع إليهم وهم لا يعلمون، والراجح اتحادهما. والحديث يحتاج إلى التأويل فيحمل على المستحل أوأنه لا يدخلها ابتداء. انتهى. وهذه خصال أذكرها لتحترز منها فإنها تورث سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى. ذكرها في النسرين فقال:
ست خصال أورثت لذي اتسام … بكلها أو بعضها سوء الختام
إدامة الغيبة والنميمه … وكذب على كريم الشيمه
عمدا كذا إدامة الإذايه … للخلق وادعاؤه الولايه
والانتساب قبل تحصيل المنى … إلى شيوخة وإدمان الزنى
وقوله وكذب على كريم الشيمة؛ يعني به النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي الكلام على الغيبة عند قول المص: وذكر المساوي، وعلى الكذب عند قوله: أو كثير كذب إن شاء الله تعالى. وندب جمع ماء وحجر يعني أن الجمع في الاستنجاء بين الماء والحجر أوما في معناه مستحب، فإن لم يجمع بينهما بأن أراد الاقتصار على أحدهما فإن الماء هو الأفضل، وإلى ذلك أشار بقوله ثم ماء
(١) مسلم، رقم الحديث، ١٠٥. وأبو داود، رقم الحديث ٤٨٧١. والترمذي، رقم الحديث: ٢٠٢٦ والمنذري في الترغيب، ج ٣ ص ٣٩٢، رقم الحديث ٤٣٢٤. والبخاري في صحيحه، رقم الحديث. ٦٠٥٦.