يشترط أحد اليأس من القدرة عليه في المستقبل وكان الانتقال من الصوم إلى الإطعام مختلفا في سببه هل هو اليأس من القدرة على الصوم؟ أو يكفي فيه الشك في المستقبل والعجز عنه في الحال فقط، أشار إلى ما وقع في المدونة من ذلك بقوله: وهل لا ينتقل المظاهر إذا عجز عن الصوم إلى التكفير بالإطعام إلا أن أيس في المستقبل من قدرته على التكفير بالصوم بأن علم أو غلب على ظنه عدم قدرته ولا يكفي شكه في ذلك، أو لا يشترط في الانتقال إلى الإطعام الإياس، بل ينتقل إلى التكفير بالإطعام إن عجز عن الصوم في الحال وشك هل يقدر عليه في المستقبل أو لا، وأولى إن ظن عدم القدرة أو أيس منها لا إن ظنها، في ذلك قولان، فيها أي في المدونة وفيها صفة لقولان، والقول الأول لابن القاسم، والقول الثاني لأشهب، والقولان في الحقيقة في الشك، وفي المدونة: أن المظاهر إذا مرض بعد أن صام شهرا لم يكن له أن يطعم وينتظر إفاقته، فإذا صح صام إلا أن يعلم أن ذلك المرض لا يقوى صاحبه على الصوم بعده فيصير حينئذ من أهل الإطعام، وفيها أيضا: وكل مرض يطول بصاحبه ولا يدري أيبرأ منه أم لا فليطعم ويجزئه ذلك إن صح. انتهى. واعلم أن المرض المانع من الصوم على أربعة أوجه قريب البرء يغلب على الظن معه القدرة على الصوم وبعيد البرء لاكن يظن فيه القدرة على الصوم في المستقبل ومأيوس من البرء ومشكوك فيه، فالقريب لم يجزه الإطعام فيه ويجوز مع اليأس، واختلف إذا كان يرجى بَعْدَ بُعْدٍ أو شك فيه، فقال ابن القاسم: لا يجوز له الإطعام، وأجازه أشهب وهذان هما القولان في المدونة وتؤولت المدونة، على أن القولين مختلفان وهو لبعض القرويين، وتأولت أيضا على أنهما متفقان وهو لابن شبلون فإنه تأولها على أن المظاهر الأول وهو الذي حكم عليه بأنه لا ينتقل للتكفير بالإطعام إلا إذا أيس من القدرة على الصوم في المستقبل قد دخل في الكفارة بالصوم ثم طرأ له مرض يمنعه من إتمامه، فلا ينتقل عنه إلا باليأس لأن للدخول تأثيرا في العمل بالتمادي، وأن الثاني الذى حكمنا عليه بأنه ينتقل للإطعام مع الشك لم يدخل في الكفارة بالصوم فهو أضعف من الأول، لأّن الأول من أهل الصوم بالفعل، والثاني من أهل الصوم بالقوة، وما بالقوة أضعف مما هو بالفعل، وعلم من المصنف أن التأويلين في الشك وأما في حالة اليأس من القدرة فيتفقان على الانتقال يعنى سواء عجز عنه لمرض أو غيره، واستحسن قول أشهب لكونه أسعد بظاهر قوله تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ} ويصدق على المريض أنه غير مستطيع، وقياسا على الرقبة فلو روعي حال المستقبل لزم