للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى. ومذهب الإصطخري من أئمة الشافعية، وكذلك ينبغي أيضًا التحفظ من مصافحته ومعانقته إذا قدم من سفر.

الثاني: قد مر عن القاضي عياض: أن فروج البهائم مما يلتذ به عادة، وعليه فلو لمست امرأة ذكر بهيمة، أو لمس رجل فرج بهيمة انتقض وضوء من قصد منهما لذة.

الثالث: الفرق بين اللمس والمس أن اللمس فيه معنى الطلب، ففي الحديث: (التمس ولو خاتما من حديد] (١)؛ أي اطلب {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} أي طلبناها، ولا يقال لمن مس شيئًا لمسه إلَّا أن يكون مسه ابتغاء معنى يطلبه فيه من حرارة، أو برودة، أو صلابة، أو رخاوة، أو علم حقيقة. فالمس التقاء الجسمين سواء كان لقصد معنى أولا، واللمس هو المس لطلب معنى. ولما لم يكن اللمس ناقضا عندنا إلَّا مع قصد اللذة أو وجودها حسن التعبير هنا باللمس، ولما كان مس الذكر ناقضا مطلقًا حسن التعبير عنه بالمس، فإن قيل لم قلتم بنقض الوضوء إذا وجد اللذة ولم يقصدها مع أنه لم يحصل طلب؟ فالجواب: أنه لما وجد المعنى المقصود بالطلب كان أولى بالنقض والله سبحانه أعلم قاله الإمام الحطاب. فاللمس أخص والمس أعم، يقال تماس الحجران، ولا يقال تلامسا لانتفاء الإرادة منهما، واحترز المص بقوله: "عادة" من اللمس الذي لا يلتذ به عادة كلمس الرجل للرجل والمرأة للمرأة، ولمس صغيرة لا تشتهى، وأجساد الدواب، ونحو ذلك.

ولو لظفر يعني أن اللمس لظفر ينقض الوضوء إذا كان الظفر متصلا؛ لأن المنفصل لا يلتذ به عادة، وفي بعض النسخ بالباء أي ولو كان اللمس حاصلا بظفر، وفي بعضها بالكاف أي ولو كان الملموس كظفر.

أو شعر يعني أن اللمس للشعر ينقض الوضوء، وما قيل في الظفر يقال في الشعر، هذا ظاهر ما للشيخ عبد الباقي، وغيره. وقال الشيخ الأمير: وإن لظفر أو به، أو شعر لا به على الظاهر، ومثلهما السن فينقض لمسها إذا كانت متصلة لا منفصلة. وقال في رسم الوضوء: وسئل عن الرجل يمس شعر امرأته أو جاريته تلذذا؟ فقال: إن مسه تلذذا فأرى عليه الوضوء، وإن مسه استحسانا


(١) البخاري، كتاب اللباس، رقم الحديث ٥٨٧١.