أن الباء في قوله "بفم" بمعنى على، وهو متعين؛ لأن بقاءها على بابها فيه أمران أحدهما: وهو سهل أنَّها تكون قيدا لبيان الواقع، إذ آلة القبلة الفم، وهو كقولهم نظرت بعيني ومشيت برجلي. ثانيهما: إيهام أنه متى حصلت القبلة بفم ولو على يد نقضت مطلقًا وليس كذلك؛ إذ تقبيله بفمه على غير فم يجري على حكم الملامسة. قاله الشيخ عبد الباقي.
وإن بكره يعني أن القبلة على فم من يلتذ به عادة لا يشترط في النقض بها طوع، فمن أكره منهما على التقبيل المذكور نقض وضوؤه، والباء بمعنى مع، أي وإن كانت القبلة مصاحبة لكره؛ أي إكراه قاله الشيخ إبراهيم.
أو استغفال يعني أن القبلة المذكورة كما تنقض الوضوء مع الإكراه تنقضه مع الاستغفال، فلا يشترط طوع ولا علم فالنقض في المسألتين حاصل في المقبل بالفتح والكسر. لا لوداع يعني أن القبلة على الفم إذا كانت لوداع فإنها لا تنقض الوضوء.
أو رحمة يعني أن القبلة على الفم إذا كانت لرحمة كما لو كانت مريضة، أو لشدة الود فإنها لا تنقض الوضوء. وسواء كانت القبلة في مسألتي الوداع والرحمة لصغيرة أو كبيرة محرم، أو غير محرم إلَّا أن يلتذ في كبيرة غير محرم كما يفهم من جعل المص هذا في حيز قوله:"لا انتفيا". وقاله ابن يونس وهو لملك، وقيل لا نقض مطلقًا وجدت اللذة أم لا، وهو لملك في رواية أشهب. ومفهوم قوله: إلا أن يلتذ أن القصد لا ينقض؛ أي لو فرض، إذ لا يتصور كونه لوداع أو رحمة مع قصد اللذة أو يبعد، والمعطوف بعد لا محذوف: أي لا القبلة لوداع أو رحمة، ويحتمل أنه معطوف على مقدر؛ أي لغير وداع لا لوداع.
ولا لذة بنظر يعني أن اللذة بنظر أو فكر لا تنقض الوضوء، وقيل تنقض اللذة بالنظر أو الفكر، وقد مر أن ابن بكرٍ يقول بنقض الوضوء باللذة بالفكر. وقوله:"لذة" فاعل فعل محذوف تقديره: ولا ينقض الوضوء لذة بنظر. قاله الشيخ إبراهيم.
كإنعاظ يعني أن الإنعاظ بمجرده؛ وهو انتصاب الذكر لا ينقض الوضوء سواء نشأ عن نظر أو فكر ولو كانت عادته الذي عقبه، وهذا هو المذهب، وقيل بالنقض مطلقًا، وقيل يحمل على عادته إن كان يعلم أنه لا يمذي فلا نقض، وإن كانت عادته أنه يمذي نقض، وكذا إن اختلفت عادته. نقله