واضح؛ لأن الاستثناء من العام بغير أداته وهو التخصيص إنما هو فيما اندرج تحت العام لا فيما لم يندرج تحته، والعام في مسألتنا هو قوله صلى الله عليه وسلم:(يحرم بالرضاع ما يحرم من النسب)، والنسوة المذكورات المدعى تخصيص العام المذكور بهن لا شيء منهن مندرجا تحت ما يحرم من النسب بحال، ولا أعلم من ذكر هذه المسائل على أنها مخصصة للحديث كما زعمه إنما أشار ابن رشد بها إلى بيان اختلاف حكم مسمى اللفظ الإضافي، وهو أم أختك فإنه في المعنى النسبي التحريم وفي الرضاع ليس كذلك. ونص ابن رشد: فإذا قلنا إن حرمة الرضاع لا تسري من قبل الرضاع إلا إلى ولده وولد ولده من الذكران والإناث خاصة، فيجوز للرجل أن يتزوج أخت ابنه من الرضاعة وأم ابنه وإن علت من الرضاعة، وأم أخته من الرضاعة؛ إذ لا حرمة بينه وبين واحدة منهن بخلاف النسب. انتهى. وعليه فكان الأنسب لو قال المص: لا أم أخيك لخ، بلا النافية عوض إلا. والله أعلم. قاله بناني. ثم قال: قال ابن عاشر: زيادة من الرضاع مضرة بل مخلة؛ لأن حاصل كلام ابن دقيق العيد أن موجب الحرمة اللازم لهؤلاء النسوة حيث يفرض في النسب قد يوجد إذا فرض في الرضاع وقد لا يوجد، فإن جدة ولدك نسبا حرام على كل حال، لأنها أمك أو أم زوجتك، وجدة ولدك من الرضاع إما أمك من الرضاع فتحرم كالنسب، وإما أم أجنبية أرضعت ولدك فلا تحرم، فقد جعل المنتفي في هذه الصور هو موجب الحرمة اللازم لها حيث تفرض في النسب، ولم يجعل المنتفي هو الحرمهّ من الرضاع. انتهى. قلت: جعل من في قوله: من الرضاع، ظرفية بمعنى في مثل قوله تعالى {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} أي فيها فينتفي بحثه. انتهى كلام بناني. والله سبحانه أعلم. وقال الشارح عن بعض الأشياخ إن الحديث باق على عمومه ولا يُخص بالمسائل المذكورة، وبيانه أن كل مسألة منها مقدرة بتقديرين من جهة النسب ومن جهة الصهر، فجهة الرضاع مساوية لجهة النسب في الحرمة، وإنما حلت فيه المرأة نظرا إلى الجهة الأخرى فاعلمه. انتهى.
وقدر الطفل خاصة ولدا لصاحبة اللبن يعني أن الطفل الذي أرضعته امرأة يقدره الشرع ولدا لها، حرة أو أمة مسلمة أو كافرة، فيحرم عليه أصولها وفصولها نسبا ورضاعا، وأول فصول أصولها نسبا ورضاعا أيضا، وإنما يقدر ولدا لها هو خاصة أي دون إخوته وأخواته وأصوله، وأما فروعه فيقدرون أيضا أولادا لها فلم يحترز عنهم بقوله: خاصة، ولصاحبه؛ يعني أن الطفل كما يقدر