للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغني لحالة وسطى. انتهى. وقوله: وسعه؛ أي طاقته أي حالته من يسر وعسر. والله سبحانه أعلم.

والبلد؛ يعني أنه يضم إلى حال الزوجين مراعاة البلد الذي هما به، فيراعى عادة أهله في مقدار النفقة والكسوة وجنسهما وفي المسكن أيضا وقال الإمام الحطاب: والبلد، فينفق عليها من الصنف الذي جرت عادة مثله ومثلها من أهل ذلك البلد بالإنفاق منه. قال ابن عرفة: (فصنف مأكولها) (١) جل قوت مثلهما ببلدهما يفرض لها من الطعام ما يرى أنه الشبع مما يقتات به أهل بلدهما؛ من (٢) البلاد ما (٣) لا ينفق أهله شعيرا بحال غنيهم ولا فقيرهم، ومنها (٤) مَن ذلك (٥) عندهم يستحق ويستجاز. انتهى.

والسعر؛ يعني أنه يضم إلى حال الزوجين مراعاة البلد والسعر أي الذي يقوم عليه الثمن، فليس زمن الرخص كزمن الغلاء، فيرجع في مقدار النفقة والكسوة وجنسهما إلى رخص الأسعار وغلائها، وتحقيق ذلك أن تقول: قوله: والبلد والسعر؛ أي ولابد مع ما تقدم من اعتبار مكانهما وزمانهما؛ إذ ليس العسر كالموسر، ولا بلد الجدب كبلد الخصب، ولا زمن الغلاء كزمن الرخاء؛ وقد قال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} إلى آخر الآية. وقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. وقوله عليه الصلاة والسلام (لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).

وإن أكولة، مبالغة في قوله: يجب؛ يعني أنه يجب للزوجة نفقتها، والمعتبر في ذلك كفايتها وإن كانت أكولة وهي مصيبة نزلت به، فعليه كفايتها أو يطلقها، بخلاف من استأجر أجيرا بطعامه فوجده أكولا فله الخيار في فسخ إجارته، إلا أن يرضى بطعام وسط فلا خيار للمستأجر بل يدفع له طعاما وسطا: كما يأتي. وقيد كلامه هنا بما إذا لم يشترط كونها غير أكولة فله ردها إلا أن ترضى بالوسط. وقال الأمير: وللأكولة ما يكفيها أو يطلقها كما في (الحديث). انتهى. قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: قد علمت أن هذا صريح أو كالصريح في أنه يلزمه شبعها، وقد نقل


(١) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل وأثبت من الحطاب: ج ٤ من ٥٨٠.
(٢) خبر.
(٣) مبتدأ.
(٤) خبر.
(٥) مبتدأ.