وبشَكٍ في سَابقِهِمَا أي الحدث والطهر؛ يعني أن من توضأ وأحدث وشك في الأول منهما يبطل وضوؤه، ويجب عليه إذا قام إلى الصلاة أن يتوضأ، وشمل قوله:"وبشك في سابقهما" أربع صور وهي. شك في السابق مع تيقن الطهارة والشك في الحدث، شك في سابقهما مع تيقن الحدث والشك في الطهارة، شك في سابقهما مع الشك فيهما، شكَ في سابقهما مع تيقنهما. وتقدم صورتان عند قوله: وبشك في حدث بعد طهر علم، الأولى منهما هي صورة المصنف التي اختلف فيها كما مر، والثانية هي الصورة المجمع على وجوب الوضوء فيها، وهي ما إذا تيقن الحدث وشك في الوضوء، وظاهر كلام المصنف أن الشك في سابقهما ناقض ولو استنكحه الشك، وفي أبي الحسن ما يوافقه، ولكن ذكر الأقفهسي وابن عمر ما يفيد خلاف ذلك. واقتصر الشيخ الأمير على الأول فقال: وبشك في طرو ناقض من غير مستنكح، وفي الطهارة بعد تيقن الحدث أو سبقها ولو من مستنكح، ويعتبر الظن على التحقيق. انتهى. وكلام المواق ظاهر في أن المراد بالشك هنا؛ أي في مسألة الشك في السابق مطلق التردد. قاله الشيخ عبد الباقي، والشبراخيتي. وقال الشيخ محمد بن الحسن في معناد: فيه نظر، بل هو ظاهر في أن المراد بالشك هنا التردد على حد السواء.
واعلم أن الوهم في الطهارة لغو كما ذكره السنهوري والأجهوري وغيرهما. وفي الحطاب: عن سند أن الشك له صورتان، من شك هل أحدث بعد وضوئه؟ فالمذهب أنه يتوضأ، وأما الصورة الثانية؛ وهي أن يتخيل إليه الشيء لا يدري هل هو حدث أو غيره؟ فظاهر المذهب أنه لا شيء عليه، إذ هي من الوهم فلذا ألغيت. انتهى. وقوله:"ويشك في حدث بعد طهر علم" قال الحطاب فيه: وكلام المؤلف فيمن طرأ له الشك قبل الدخول في الصلاة، وأما إذا طرأ عليه شك بعد الصلاة ففيه قولان ذكرهما في المنتقى: فيمن رأى في ثوبه احتلاما لا يدري متى وقع منه أحدهما أنه غير مؤثر فيعيد من آخر نومة، والثاني أنه موثر فيعيد من أول نومة.
ونسب الباجي الأول للموطإ، وجعله أبو عمر مقابلًا لمذهب المدونة، ويكون المصنف فيما يأتي من قوله: وأعاد من آخر نومة، تبع الموطأ، ورواية على وابن القاسم، ويشهد له قول ابن بشير: إن وجد منيا في ثوب نومه ولا يدري متى كان، فقيل يعيد من أول نوم فيه، وقيل من آخره، على الخلاف فيمن تيقن الوضوء وشك في الحدث. انتهى. نقله ابن مرزوق فيما يأتي. قاله الشيخ