للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخبر. أعني: (إنما الماء من الماء) (١)؛ أي من رؤية الماء بالنسبة للمرأة معناها: علمها بانفصاله. وبما مر رد الشيخ محمد بن الحسن قول الشيخ عبد الباقي وغيره: إن انفصال المني عن محله مربوطا بقصبة الذكر، أو متعسرا بحصى كخروجه بالفعل، وإن بنوم يعني أنه يجب غسل ظاهر الجسد بسبب خروج المني للذة المعتادة، ولو كان خروجه في حالة النوم، فإن حصلت اللذة المعتادة في النوم وخرج المني معها، فلا خلاف في وجوب الغسل. وسواء في ذلك الرجل والمرأة، وإن حصلت اللذة المعتادة في النوم ثم استيقظ ولم يجد بللا فلا غسل عليه. وقد سئل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لا غسل عليه) (٢))، رواه أبو داوود والترمذي، فإن خرج المني بعد ذلك ففي وجوب الغسل قولان، والمشهور الوجوب، فإن وجد المني ولم يذكر أنه احتلم فنقل القرافي الإجماع على وجوب الغسل، وقد قال صاحب المنتقى: قال مجاهد إذا لم يذكر شيئًا فلا شيء عليه. وفي أبي داوود والترمذي عنه عليه الصلاة والسلام (أنه سئل عن الرجل يجد البلل ولم يذكر احتلاما قال: عليه الغسل (٣)). انتهى. قاله الحطاب. ونظَّر في حكاية القرافي الإجماع بما في ابن راشد في شرح ابن الحاجب، ونصه: وإن وجد الأثر ولم يذكر أنه احتلم ففي وجوب الغسل قولان. انتهى. وقال الشيخ عبد الباقي عند قوله: وإن بنوم، رأى فيه أنه وطئ أو خرج بلذة معتادة أو غير معتادة، أو بلا لذة كما يفيده التتائي على الرسالة. وكلامهم في خبر: (إنما الماء من الماء) (٤)). انتهى. وعلى هذا فمن رأى في منامه أنه لدغته عقرب فأمنى، أو حك لجرب فأمنى، فإنه يجب عليه الغسل كما هو ظاهر كلامهم. وفي كتاب الشيخ الأمير أن النوم لا تشترط فيه اللذة، وقد مر أنه لابد في وجوب الغسل من خروج المني من فم الفرج. وقد مر أن الإمام أحمد خالف في ذلك، وقال: إذا انتقل المني ولم يظهر وجب الغسل؛ لأن الشهوة قد حصلت بانتقاله. ابن العربي: وهو ضعيف؛ لأنه حدث لا تلزم الطهارة إلَّا بظهوره كسائر الأحداث. انتهى. وقد مر أيضًا خلاف سند في المرأة، ومنشأ الخلاف حديث: (نعم إذا رأت


(١) مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، رقم الحديث: ٣٤٦.
(٢) سنن أبى داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٣٦. والترمذي، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ١١٣.
(٣) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٣٦. والترمذي، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ١١٣.
(٤) مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، رقم الحديث: ٣٤٦.