للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الماء (١))؛ أي أبصرته على المشهور، أو علمته على ما لسند. وبُحِثَ فيه بأن هذا الحديث إنما ورد في الاحتلام، والخلاف إنما هو في اليقظة لا في النوم، وأجيب بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأما حديث: (إنما الماء من الماء) (٢) فوارد فيما يشمل اليقظة والنوم. نقله الشيخ محمد بن الحسن. وعلم مما مر أن من رأى في نومه أنه يجامع والتذ ولم ينزل فلا غسل عليه. وقوله: "وإن بنوم" المبالغة لدفع توهم أن الحاصل في حالة النوم لا يجب منه الغسل؛ لأنه في حالة غير مكلف فيها. قاله الشيخ إبراهيم. وغيره. وفي الحديث: (من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين يوم القيامة وليس بعاقد (٣) وفي رواية: (من تحلم كاذبا دفع إليه شعيرة وعذب حتى يعقد بين طرفيها وليس بعاقد (٤))، انتهى. وتحلم بالتشديد: تكلف الحلم، وإنما سماه حلما ولم يسمه رؤيا: لأنه ادعى أنه رأى ولم ير شيئًا فكان كاذبا. والكذب من الشيطان، وفي الحديث: (أن الحلم من الشيطان) (٥): ومعنى العقد بين شعيرتين أن يصل إحداهما بالأخرى، وهو مما لا يمكن عادة ومناسبة الوعيد للكاذب أن الرؤيا خلق من خلق الله، وهي صورة معنوية، فأدخل بكذبه صورة لم تقع، فكلف بإدخاله هذه الصورة اللطيفة، وهي الاتصال المعبر عنه بالعقد بين الشعيرتين: وليس بفاعل، وهو كناية عن طول تعذيبه. وخص الشعير دون غيره لما في المنام من الشعور. فحصلت المناسبة بينهما من جهة الاشتقاق: وإنما اشتد الوعيد على هذا؛ لأن الكذب في المنام كذب على الله لحديث: (الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوءة (٦))، فهو من قِبَل الله، وبه تعلم أن هذا الكذب أعظم من شهادة الزور؛ لأن الكذب على الله أعظم من الكذب على المخلوقين، والكذب عليه صلى الله عليه وسلم في الرؤية كالكذب عليه في الرواية. قاله ابن زكري. أو بعد ذهاب لذة بلا جماع يعني أن الغسل يجب على الشخص بسبب خروج المني منه إذا التذ لذة معتادة من غير جماع، ولو كان خروجه بعد ذهاب تلك اللذة المعتادة، وهذا هو


(١) مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، رقم الحديث: ٣١٣. والبخاري في صحيحه، كتاب الغسل، رقم الحديث: ٢٨٢.
(٢) مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، رقم الحديث: ٣٤٦.
(٣) لفظ البخاري: "من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل" البخاري، كتاب التعبير، رقم الحديث: ٧٠٤٢.
(٤) فتح الباري، ج ١٣ ص ٣٦٥.
(٥) الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان، البخاري، كتاب التعبير، رقم الحديث: ٦٩٨٤.
(٦) الرؤيا الصالحة جزء من ستة .. الخ. البخاري، كتاب التعبير، رقم الحديث: ٦٩٨٩.