للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي لابن عمر أنه يبطل بما يبطل به الوضوء لغير النوم، وهو ظاهر جار على القواعد، والصحيح أنه إذا نوى بهذا الوضوء البيات على طهارة استبيحت له الصلاة به، فإن قلت: هو لم ينو به إحدى نيات الوضوء الثلاث، قلت: نية البيات على طهارة تتضمن رفع الحدث، وكذا يقال في الوضوء لزيارة الأولياء لا تستباح به الصلاة إلا إذا نوى أن يزور على طهارة؛ لأنها كأنها مقصودة أصالة، وإن كان الباعث عليها نوم غير الجنب والزيارة بخلاف نيته بها الزيارة أو النوم. انتهى. قوله: والذي لابن عمر لخ هذا يقتضي مخالفة ما لابن عمر لكلام الأبي الذي قبله، وفيه نظر. بل كلام ابن عمر هو عين ما نقله عن الأبي، ونصه على نقل الحطاب: وإن نام الرجل على طهارة وضاجع زوجته وباشرها بجسده فلا [ينقض] (١) إلا إذا قصد بذلك اللذة. انتهى. قاله الشيخ محمد بن الحسن بناني وقال الشيخ الأمير: وينتقض وضوء غير الجنب للنوم بمطلق الناقض. عياض: إن لم يضطجع كلزيارة ولي وسلطان ودخول سوق. انتهى. قوله كلزيارة لخ تشبيه في ندب الوضوء كما نص عليه الشيخ الأمير. وقوله: ولم يبطل إلا بجماع؛ أي لأنه لم يشرع لرفع حدث، وإنما هو عبادة فلا ينقضه إلا ما أوجبه. قاله الشيخ الخرشي. ولما فرغ من موجبات الغسل وواجباته وسننه ومندوباته، شرع في الكلام على موانع أي ممنوعات الجنابة فقال.

وتمنع الجنابة موانع الأصغر يعني أن الجنابة تمنع ممنوعات الحديث الأصغر المتقدمة في قوله: "ومنع حدث صلاة وطوافا ومس مصحف" إلى آخره فكل ذلك تمنعه الجنابة، وتزيد عليه ما يأتي قريبا إن شاء الله وبما قررت علم أن قوله: موانع؛ بمعني ممنوعات، فهي فواعل جمع مانع على وزن فاعل بمعنى مفعول، كدافق بمعنى مدفوق كما نص عليه الشيخ بناني. وأشار إلى ما تزيده الجنابة على الحدث الأصغر بقوله: والقراءة يعني أن الجنابة كما تمنع موانع الأصغر، تمنع أيضا القراءة للرجال والنساء بحركة اللسان، وأما بالقلب فللجنب أن يقرأ بقلبه إجماعا لقوله عليه الصلاة والسلام: [اقرأ القرآن على كل حال ما لم تكن جنبا] (٢))، ولفظ الشبراخيتي عند


(١) في البناني ج ١ ص ١٠٤: فلا ينتقض وضوءه.
(٢) كنز العمال، رقم الحديث: ٢٧٧٠.