للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المص: "أبيح"؛ أي السفر كما مر، وأما المرض فلا فرق فيه بين أن يكون نشأ عن غير مباح، وأن لا يكون كذلك. وقوله: "وسفر"، وإن لم تقصر فيه الصلاة على المشهور؛ وهو مذهب مالك وجمهور الفقهاء. وقال قوم: إن ذلك في سفر القصر، وينبني على الشهور، ومقابله تيمم مسافر دون قصر لنافلة، وجنازة غير متعينة، وجمعة، فيتيمم لها على الشهور لا على مقابله. فإن قيل: الحاضر الصحيح إذا عدم الماء، وخاف فوات الوقت، يباح له التيمم ولو كان عاقا لوالديه، فلِمَ لَمْ يبح للمسافر؟ في هذه الحالة فالجواب أن السفر لما كان له دَخَلٌ في عدم الماء أو خوف الفوات وهو عاص به لم يبح له التيمم لذلك. انتهى. وقول ابن الحاجب: ولا يترخص بالعصيان يحتمل أن يريد به نفي التيمم خاصة وهو الأقرب من مراده، ويحتمل أن يريد نفي الترخص عموما كالتيمم والمسح على الخفين وأكل الميتة، وظاهر قوله جل وعز: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} أن رخصة الميتة والدم ونحوهما لا تتناول العاصي بسفره. والله سبحانه أعلم. وقال ابن عبد السلام: والحق أنه لا ينتفي من الترخص بسبب العصيان إلا رخصة يظهر أثرها في السفر دون الحضر كالقصر والفطر، وأما رخصة يظهر أثرها في السفر والإقامة كالتيمم والمسح على الخفين فلا يمنع العصيان منها، ومعنى هذا لابن رشد. قاله الإمام الحطاب. وقوله: "وسفر أبيح" يدخل فيه ما إذا كان السفر مباحا وعصى فيه، فإنه يتيمم للفرض والنفل، ويجوز السفر في طريق يتيقن فيه عدم الماء للتجر ورعي المواشي. وقال ابن ناجي في شرح قول الرسالة ويكره النوم قبلها: ويقوم من كلام الشيخ أنه يكره للرجل الخروج قبل دخول الوقت من منزلة إلى مكان يحرث فيه على أميال دون ماء إذا كان يشك فيه هل فيه ماء أم لا؟ وانظر إذا تحقق أنه ليس فيه ماء، هل يجب حمل الماء إليه أو يستحب؟ فقط؛ لأن الطهارة لا تجب إلا بعد دخول الوقت، فكذلك استعداد الماء لها. وشاهدت في حال صغرى فتوى شيخنا الشبيبي بالأمر بذلك، ولا أدري هل ذلك منه على الوجوب أو على الندب؟ ونفسي إلى الوجوب أميل. انتهى. والظاهر عدم الوجوب لقوله في المدونة: ومن خرج من قرية على غير وضوء يريد أخرى، وهو غير مسافر، فغربت الشمس، فإن طمع في إدراك الماء قبل مغيب الشفق مضى إليه، وإلا تيمم وصلى. ونقله الشيخ أبو محمد بلفظ: من خرج من قرية إلى قرية على الميل أو الميلين. ولم يحمله أحد من