للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لظهور الفارق بينهما واختلافهما في أحكام كثيرة، فالظاهر ما جزم به التاودي في شرح اللامية عند قولها: وهل تنتهي بالسكت ستة أشهر؟ لخ فإنه قال بعد تقريره وذِكْرِ بعض ما يتعلق به: ما نصه: وهذا كله ما لم يكن مفوضا وإلا خاصم من شاء عند من شاء متى شاء. اهـ منه بلفظه. ويشهد له ما تقدم من كلام ابن عبد السلام في الفرق بين موت الموكل في التفويض وموت الخليفة من قوله: "ومن قدما للنظر في مصالحه باق فوجب بقاؤهما" لخ، فإنه يدل على أن حكم الوكيل المفوض إليه في حياة موكله وحكم القاضي والأمير في حياة الخليفة سواء باتفاق، وكذا بعده عند مطرف وابن الماجشون لا عند جل أهل المذهب للفرق المذكور.

وفي نوازل الوكالات من المعيار ما نصه: وسئل العالم أبو عبد الله سيدي محمد بن مرزوق رحمه الله عن حكم الوكالة المفوضة إن طال أمرها هل حكمها كحكم وكالة الخصام تجدد (١) ستة أشهر على ما حكى ابن سهل عن بعض شيوخه أم لا وتستمر، أو يفرق بين أن ينص الموثق على الدوام والاستمرار فتستمر أم لا؟ ومن نص على ذلك؟ إلى آخر السؤال، فأجاب: لا تحتاج الوكالة المفوضة ولا غيرها إلى تجديد لما علمت من قول سحنون في وكالة الخصام على ما نقل عنه ابن سهل وغيره، وهو في النوادر وغيره فأحرى المفوضة وهذا مستند إلى مدرك من مدارك الأحكام وهو الأصل بقاء ما كان إلى أن قال: ويكفيك نص سحنون وأين هو من شيخ أبي الأصبغ الذي لم يسمه حتى تعرف مرتبته إلى أن قال: وقول من قال لا يلزم الوكيل إحضار موكله صواب، والقول بإلزام ذلك مطلقا لا يعقل؛ لأن يد الوكيل كيد موكله وهو نائبه فيما لزمه حضر أو غاب، وإلا فأي فائدة للوكالة إن لم يكن كذلك هذا إذا كان المراد إحضاره ليتكلم أو يخاصم، وإن كان إحضاره ليغرم المال فالوكيل لا يلزمه ذلك، وكذلك اليمين إن توجهت عليه كما ذكر في الغائب. اهـ. فقد جزم هذا الإمام بأنه لا يحتاج في الوكالة المفوضة إلى تجديدها وأخذه من قول سحنون بالأحروية، ولم يحك في ذلك خلافا أصلا ولم يتخرج فيها الخلاف من قول الشيخ أبي الأصبغ لما أشار إليه من الفرق بذكره الأحروية. فتأمله والله أعلم.


(١) في الرهوني ج ٦ ص ١٣٥: تجدد بعد ستة أشهر.