للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثالث: قال في الأحكام إثر كلامه الأول ما نصه: ولا يبالي الرء أن يقول الحق على نفسه فالله يفتح له، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، إلا أنه في باب الحدود يندب إلى أن يستر على نفسه ويتوب حتى يحكم الله له، إلا أنه يقر على نفسه بالحد إذا رأى غيره قد ابتلي به وهو صاحبه فيشهد على نفسه ليخلعه ويبرئه. اهـ منه بلفظه. وأركان الإقرار أربعة: المقر والمقر له والصيغة والمقر به، وبدأ والأول فقال: يؤاخذ المكلف بلا حجر بإقراه يعني أن المكلف وهو البالغ العاقل الطائع يؤاخذ بما أقر به أي يلزمه بشرط أن يكون غير محجور عليه، واحترز بالمكلف من غيره كالصبي والمجنون والمكره فإن إقراره غير لازم له، واحترز بعدم الحجر من المحجور عليه كالسفيه والسكران فإنه محجور عليه في إقراره وعقوده، والحاصل أنه محجور عليه فيما يتعلق بالأموال، ودخل في كلام المص السفيه المهمل على قول مالك، ودخل فيه أيضا إقرار المرتد في ردته قبل إيقاف السلطان له فيصح لأنه كالسفيه المهمل عند ابن عبد الحكم، بخلاف إقراره بعد إيقافه للاستتابة فيبطل إن قتل ويصح إن رجع للإسلام. قاله ابن سحنون. ويوافقه ابن عبد الحكم على ذلك، وأما الزوجة والمريض فداخلان في كلامه: "بلا حجر" لأنه إنما يحجر عليهما فيما زاد على الثلث في التبرعات لا في الإقرار، لكن المريض يحجر عليه في الإقرار لمن يتهم عليه ولو في ثلثه، وأما لغيره فيصح إقراره ولو في الزائد على ثلثه، وقوله: "بلا حجر" حال فهو متعلق بالكون أو الاستقرار لا بالمكلف، إلا أن يراد بالتعلق الارتباط المعنوي فلا ينافي الحالية، وقوله: "بإقراره" متعلق بقوله: "يؤاخذ"، والباء للسببية.

وأشار للركن الثاني وهو المقر له بقوله: لأهل متعلق بقوله: "بإقراره" يعني أن الإقرار إنما يصح للمتأهل للتملك ولو في ثاني حال كحمل ومن الأهل المسجد والقنطرة؛ لأن الإقرار لهما في المعنى إقرار للمنتفعين بهما، وخرج بالأهل إقراره لدابة أو لكحجر فلا يؤاخذ به بل يبطل، وقولي: كحمل هو الراجح كما نص عليه الرهوني، وقولي: والمكره هو الصحيح أي أن المكره غير مكلف قال الحطاب: قال القرطبي في شرح مسلم: شرط صحة الإقرار أن لا يكون بإكراه، وأما المحبوس والمهدد فاختلف في أخذه بإقراره، واضطرب المذهب في إقراره بعد الحبس والتهديد هل يقبل جملة أو لا يقبل جملة أو يفرق فيقبل إذا عين ما اعترف به من قتل وسرقة ولا يقبل إذا لم يعين؟ ثلاثة