للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

باطل لحديث جبريل (١) والإجماع على خلافه. قال الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}، قال ابن عباس: إذا فاء الفيء، ولا يصح عنه غير ذلك. انتهى. قاله الإمام الحطاب. وقال المازري: اختلف الناس في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}، فذهب بعضهم إلى أن المراد به غروبها، ومذهبنا أن المراد به زوال الشمس وميلها عن وسط السماء مغربة. قاله الخطاب. ومن علم ظل الزوال علم دخول وقت العصر بمضي قامته، ومن لم يعلم ظل الزوال جرى فيه قول صاحب الرسالة: وقيل إذا استقبلت الشمس بوجهك إلى آخره. قيل: إن عدد الركعات والصلوات معقول المعنى. وعليه فاعلم أن نعم البدن خمس، فقوبلت بالصلوات الخمس شكرا، فحاسة الشم يشم بها الرائحة من الجوانب الأربع، فقوبلت بالظهر، وهي أربع ركعات. ولما فرغ من بيان وقت الظهر شرع يتكلم على وقت العصر فقال:

وهو أول وقت العصر الضمير يعود على آخر القامة؛ يعني أن الوقت المختار للعصر مبدؤه من آخر القامة الأولى، وفي الحديث: (حافظوا على العصرين صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها (٢)) يريد الصبح والعصر، والعرب تسمي كل طرف من النهار عصرا، وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى البردين دخل الجنة (٣))، والمراد بالبردين الصبح والعصر، وتسمى صلاة العصر صلاة العشي. وقوله: البردين بفتح الوحدة وسكون الراء. وكلام المص يقتضي أن العصر داخلة على الظهر في وقتها، فإنه قال: إن آخر وقت الظهر هو أول وقت العصر، وما ذكره المص هو المعتمد عليه عند الفقهاء في معرفة الوقت، ولذا أنكر على ابن أبي زيد قوله: وقيل إذا استقبلت الشمس بوجهك وأنت قائم غير منكس رأسك ولا مطأطئ له الخ؛ لأنه لم يعلم قائله. قاله الشاذلي.


(١) الترمذى، كتاب الصلاة، رقم الحديث ١١٣. وأبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٣٩٣.
(٢) ابن حبان في صحيحه، رقم الحديث ١٧٣٩.
(٣) البخاري في الجامع الصحيح، كتاب مواقيت الصلاة، رقم الحديث: ٥٧٤ ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٦٣٥.