ولم يَصْحُ من سكره إلا في الضروري وصلَّى فيه، فإنَّه يأثم لكونه لم يوقع الصلاة إلا في ضروريها؛ لأنه أدخل ذلك على نفسه، ومثل السكر كل محرم مزيل للعقل. وأما الداخل عليه السكر غلبة؛ كمن شرب مباحا كلبن مثلا فسكر، فإنَّه يعذر ولا إثم عليه، فهو كالمجنون، وهذا يقتضي أنَّه لو استغرق به الوقت أنَّه تسقط عنه صلاة ذلك الوقت. قاله الشيخ عبد الباقي. وفي الخرشي: وأما الداخل عليه السكر غلبة كغير العالم فكالمجنون. انتهى.
والمعذور غير كافر يقدر له الطهر يعني أن ذا العذر إذا ارتفع عذره - وقلنا إنه يصلي بقدر ما أدرك من الوقت بعد زوال عذره كما مر - فإنَّه يقدر له الطهر بالماء لأصْغَرَ أوْ أكْبَرَ إن كان من أهله: وإلا فبالصعيد فإذا بلغ الصبي أو أفاق المغمى عليه أو المجنون، أو طهرت الحائض، فإنَّه ينظر، فإن بقي من الوقت قدر ما يسع ركعة أو ركعتين مع الطهارة اللازمة له، لزمته تلك الصلاة كانت صبحا أو عشاء أو عصرا، وإن بقي ثلاث ركعات بعد الطهر ففي الظهرين تلزمه الصلاتان معا إن كان مسافرا، وفي العشاءين تلزمه العشاء الآخرة فقط على المشهور، وعلى مقابله تلزمه المغرب والعشاء؛ إذ الفرض أنَّه مسافر، ولو كان مقيما لا يلزمه إلا العشاء الآخرة باتفاق القولين، وإن بقي أربع ركعات لزمته الصلاتان معا اتفاقا، فإن كان حاضرا وبقي قبل الفجر ما يسع أربع ركعات مع الطهارة اللازمة له، فعلى المشهور تلزمه المغرب والعشاء، وعلى مقابله إنما يصلي العشاء الآخرة. وقد تقدم هذا بأبسط مما هنا. والمعذور الذي يقدر له الطهر عند زوال العذر، إنما هو الصبي والمغمى عليه والمجنون والحائض والنفساء، وأما الغافل والنائم فقد مر أنهما لا يسقط عنهما وجوب قضاء الصلاة، وأما الكافر فلا يقضي إلا ما أسلم في وقته لكنه لا يقدر له الطهر؛ لأنَّ زوال المانع بيده، فإذا أسلم، وقد بقي من الوقت ركعة بلا تقدير طهارة، تخلدت الصلاة في ذمته، وسواء كان الكفر أصليا أو ردة. وقوله:"يقدر له الطهر" سواء تطهر أم لا. وقوله:"يقدر له الطهر" إنما قُدِّرَ له الطهر بالماء بقيده مع وجوب تيمم من خاف باستعماله خروج الوقت؛ لأنَّ هذا لم يتحقق هل يخاطب بالصلاة أم لا؟ ولذا إذا تحقق ذلك بأن قدر بالطهارة المائية، وعلم ما يلزمه، ثمَّ خشي خروج الوقت باستعمال الماء، فإنَّه يتيمم، ولا تعتبر طهارة الخبث مع ضيق الوقت. وقوله:"يقدر له الطهر"؛ أي فلا يقدر له استقبال، ولا ستر