هل يقدر له الطهر ولو تكرر؟ فأجاب عن ذلك بمسألتين، وجمع معهما ثالثة تشاركهما في الحكم. فقال: وإن تطهر فأحدث يعني أن من تطهر من ذوي الأعذار بعد أن زال عذره فأحدث غلبة أو نسيانا أو عمدا فتطهر ثانية، ثمَّ شرع في الصلاة فخرج الوقت فإنَّه يقضي بقدر ما فاته بالتطهر الثاني؛ لأنَّ العبرة بالتقدير الأوّل.
أو تبين عدم طهورية الماء يعني أنَّه إذا زال عذره فتطهر فلما تطهر تبيّن عدم طهورية الماء، فإنَّه يلزمه ما يدركه بعد استعمال ذلك الماء الذي تبيّن عدم طهوريته، فإذا تطهر ثانيا فخرج الوقت، فإنَّه يقضي ما فاته بهذا الطهر الثاني؛ لأنَّ العبرة بالتقدير الأوّل. هذا قول سحنون ابن الحاجب: وهو الأصح، وقال ابن القاسم: لا قضاء عليه، وصدر به ابن شأس، ولم يذكر في توضيحه ترجيحا، وتبعه في الشامل فذكر القولين بغير ترجيح، ودرج هنا على ما صححه ابن الحاجب.
أو ذكر ما يرتب يعني أن من زال عذره فتطهر، فلما تطهر ذكر ما يجب ترتيبه مع الحاضرة التي أدركها بعد زوال العذر؛ وهو يسير الفوائت كما يأتي، فلما أتى به خرج الوقت، فإنَّه يلزمه القضاء بقدر ما أفاته فعل يسير الفوائت، فقوله: فالقضاء جواب عن المسائل الثلاث؛ أي يجب عليه القضاء على حسب التقدير الأوّل، ولا عبرة بما استغرق الوقت من طهارة ثانية في المسألتين الأوليين أو يسير الفوائت في الثالثة. وقد تقدم أنَّه يتيمم إن ضاق الوقت عن استعمال الماء بعد أن عرف ما يلزمه في التقدير.
وأسقط عذر حصل يعني أنَّه إذا طرأ عذر من الأعذار المتقدمة الممكن طروها كالكفر بالردة والإغماء والجنون والحيض، لا كالصبا؛ فإنَّه يسقط من الصلاة بقدر المدرك عند زوال العذر، فإذا حصل الإغماء أو الجنون أو الحيض أو الردة - نعوذ بالله منها ومن الجميع - بقدر ما يسع ركعة أو ركعتين، سقطت تلك الصلاة المدرك ذلك من وقتها، وإن بقي أكثر مما توقع فيه الأخيرة من المشتركتين بركعة فأكثر سقطتا معا. والحاصل أن إتيان العذر في وقت مشترك يسقطهما معا، وأن إتيانه في وقت مختص يسقط الثانية، وأما الأولى فتتقرر في الذمة فتجب بعد زوال العذر وهذا في المشتركتين، وأما الصبح فيسقطها إتيان العذر حيث بقي من وقتها قبل طلوع الشمس ما يسع