للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكلم علماؤنا في الاحتجاج لملك والانفصال عن الحديث ولا أرى مخالفة الحديث، ولا تأويل ما لا يقبل، وأجابه ابن عرفة بقاعدة ملك في تقديمه العمل على الحديث الصحيح حسبما ذكره ابن يونس في كتاب الأقضية، ودل عليه استقراء المذهب. انتهى المراد منه. انظر حاشية الشيخ بناني. قال: وبما ذكر تعلم أنه كان على المص أن لو عبر بخلاف إشارة إلى تشهير كل من القولين. انتهى. وقال عبد الباقي: ولو بمكة، خلافا لقول الباجي كالشافعي: لا تستباح لقطتها بعد سنة، ويجب تعريفها أبدا لخبر: (لا تحل ساقطتها إلا لمنشد (١)). وأجاب: المشهور بأن تخصيصه عليه الصلاة والسلام بمكة لوجود اللقطة فيها كثيرا في الحرم بسبب اجتماع الناس فيه من كل فج للنسك، والغالب أن الحاج من أهل الآفاق لا يعود لطلب اللقطة فكأن الآخذ فيها آخذ لنفسه، فخص عليه الصلاة والسلام لهذا المعنى.

ضامنا فيهما، يعني أن الملتقط إذا تصدق باللقطة عن ربها أو تملكها فإنه يضمنها لربها حيث علمه. فقوله: فيهما، أي في مسألتي التصدق بها عن ربها والتملك لها، وفهم منه أنه في مسألة حبسها لربها لا يضمنها وهو كذلك، قال المواق عن الجلاب: إن مضت السنة ولم يأت طالبها فهو مخير إن شاء أنفقها أو تصدق بها وضمنها أو حبسها ليأتي ربها. وفي البيان: وقد اختلف هل للملتقط أن ينفق اللقطة بعد التعريف أم لا؟ على أربعة أقوال، أحدها: أنه ليس له أن يستنفقها غنيا كان أو فقيرا وهو مذهب ملك. والثاني: أن له أن يستنفقها غنيا كان أو فقيرا على ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم (فشأنك بها) فإن جاء صاحبها غرمها له وهو مذهب الشافعي. والثالث: أنه ليس له أن يستنفقها إلا أن يحتاج إليها وهو قول ابن وهب ومذهب أبي حنيفة وسائر أصحابه. والرابع: أنه ليس له أن يستنفقها إلا أن يكون له بها وفاء وبالله التوفيق. كنية أخذها قبلها، أي قبل التقاطها بالفعل ثم أخذها، أي أن الملتقط إذا رأى اللقطة فقبل أن يضع يده عليها نوى أن يتملكها، ثم وضع يده عليها وحازها فتلفت منه أو غصبت، فإنه يضمنها لأنه بتلك النية مع وضع يده صار كالغاصب، فيضمن السماوي، بهذا قرره غير واحد،


(١) البخاري، كتاب اللقطة، رقم الحديث ٢٤٣٣.