وقرر أيضا على أن الضمير في قبلها عائد على السنة، أي أن الملتقط إذا نوى أخذ اللقطة لنفسه قبل مضي سنة فإنه يضمنها بالسماوي، واعترضه الشارح بأن النية بمجردها لا تنقل، وقد قال أبو الحسن: وهل توجب النية بمجردها شيئا أم لا؟ المشهور أنها لا توجب شيئا لقوله صلى الله عليه وسلم:(ما لم تعمل أو تتكلم) واعترضه الحطاب بأن أبا الحسن لم يقل ذلك هنا، وأجاب مصطفى: بأن أبا الحسن لما أتى به على سبيل العموم صح استدلال الشارح به هنا، واختار الحطاب عود الضمير للسنة معتمدا بحث ابن عرفة مع ابن عبد السلام، وذلك أن ابن الحاجب قال وهي أمانة ما لم ينو اختزالها فتصير كالمغصوبة، فقال ابن عبد السلام: فهذا بين إن كانت هذه النية حين التقطها، فإن حدثت بعد الالتقاط جرى ذلك على تبديل النية مع بقاء اليد. انتهى. ابن عرفة: يرد بأن القول بلغو أثر النية إنما هو مع بقاء اليد كما كانت لا مع تغير بقائها عما كانت بوصف مناسب لتأثير النية، ويد الملتقط قبل نية الاغتيال كانت مقرونة بالتعريف أو العزم عليه، وبعدها مقرونة بنقيض ذلك، فصار ذلك كالفعل، فيجب الضمان اتفاقا. انتهى. قال مصطفى: والظاهر ما قاله ابن عبد السلام، وهذا من ابن عرفة تحامل. انتهى. قال بناني: بل الظاهر ما لابن عرفة والحطاب لأن نية الاغتيال هنا لم تتجرد بل قارنها الكف عن التعريف، ولا حجة لمصطفى فيما نقله بعده عن ابن عرفة لأن موضوعه في نية تملكها بعد السنة، وبمجرد مرور السنة سقط عنه التعريف، فتمسكه به غفلة واضحة. انتهى. وقال الشبراخيتي: كنية أخذها، إن جعلت الضمير راجعا إلى اللقطة وقدرت مضافا أي قبل التقاطها فلا إشكال، وهذا لا يخالف أحد في أنه ضامن، وإن جعلته راجعا إلى السنة فتمشيه على بحث ابن عرفة أنه لا يضمن. انتهى المراد منه. وقد مر ذلك مستوفى.
وردها بعد أخذها للحفظ، يعني أن الملتقط إذا أخذ اللقطة ليحفظها أي ليعرفها، وكذا لو أخذها لا ليعرفها كأخذها ليسأل جماعة مثلا هل هي لهم أم لا؟ ثم إنه ردها إلى موضعها بَعْدَ بُعْدٍ فإنه يضمنها، وقوله: وردها عطف على نية من قوله: كنية أخذها. إلا بقرب فتأويلان، يعني أنه إذا أخذها ليحفظها وردها عن قرب فإنه جرى في ضمانه تأويلان، قيل: يضمن، وقيل: لا يضمن. قال بناني: اعلم أن الأقسام ثلاثة، إما أن يأخذها بنية التعريف، وإما بنية الاغتيال، وإما بنية