للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى كون الفاتحة فرضا في النفل أن صحة العبادة تتوقف عليها. بحركة لسان متعلق بقراءة المقدرة قبل فاتحة؛ يعني أنه لا بد في قراءة الفاتحة من حركة اللسان، بأن ينطق بالحروف بلسانه واحترز بذلك من القراءة بالقلب فإنها، لا تكفي؛ لأنها لا تعد قراءة بدليل جوازها للجنب. وما مر من أن القراءة الملحونة تجب بناء على أن اللحن لا يبطل هو للشيخ عبد الباقي، ونحوه للشيخ إبراهيم، والشيخ الخرشي نقلا عن الشيخ علي الأجهوري. قال الشيخ الأمير شيخنا: وهو استظهار بعيد، إذ القراءة الملحونة لا تجوز، بل لا تعد قراءة فصاحبها ينزل منزلة العاجز. وفي الحطاب: لو قرأ بالزبور والتوراة بطلت؛ وهو كالكلام الأجنبي. قلت: وكذا ما نسخت تلاوته من القرآن فيما يظهر. انتهى كلام الشيخ الأمير. على إمام وفذ يعني أن الفاتحة إنما تجب على الإمام والفذ، وأما المأموم فلا تجب عليه؛ لأن الإمام يحملها عنه وإن لم يقصد الحمل، فلو نوى أنه لا يحملها أو لا يحمل السهو، فلا أثر لنيته كما في الحطاب. والظاهر أن قوله: "على إمام" ظرف مستقر في موضع الصفة أو الحال من فاتحة، أو متعلق بتجب مقدرا دل عليه قوله: "فرائض". والله سبحانه أعلم. وفي الخبر (قراءة الإمام قراءة المأموم (١))، ولا تلزم قراءة الفاتحة المأموم في السرية ولا في الجهرية، خلافا لابن العربي القائل: تلزمه في السرية، وسواء كان إمامه يسكت بين التكبير والقراءة أم لا، خلافا لرواية ابن نافع: يقرؤها إن كان ممن يسكت؛ وسواء في عدم اللزوم سمع قراءة الإمام أم لا.

وإن لم يسم نفسه يعني أن قراءة الفاتحة في الصلاة تكفي إذا نطق بها القارئ بفمه، وإن لم يسمع نفسه، خلافا للشافعية، ولو أسمع أذنيه كان أولى، قاله غير واحد. ولو قطع لسانه، فقال سند: لا يجب عليه أن يقرأ في نفسه خلافا لأشهب، ويختلف في وقوفه بقدر القراءة تخريجا على الأمي. قاله الش. وفاعل يسمع: ضمير يعود على القارئ. والله سبحانه أعلم. وكان ينبغي للمصنف أن يعبر "بلو"، بدل "إن"؛ لأن الخلاف فيها مذهبي قاله الشيخ إبراهيم عن شيخه الأجهوري.


(١) سنن ابن ماجه، الحديث: ٨٥٠.