للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهل تجب الفاتحة في كل ركعة؛ يعني أن الشيوخ اختلفوا في حكم قراءة الفاتحة في الصلاة فمنهم من ذهب إلى أنها تجب في كل ركعة، وهو للإمام مالك رضي الله عنه في المدونة، وشهره ابن شاس، وابن الحاجب، وعبد الوهاب، وابن عبد البر، وهو الراجح من طريق النظر لخبر: (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج خداج خداج (١) أي غير تمام من خدجت الناقة ولدها: إذا ألقته غير تمام بناء على أن المراد بالصلاة كل ركعة، إذ محل القراءة من الصلاة كل قيام. أو الجل، أي ومن الشيوخ من ذهب إلى أن الفاتحة إنما تجب في الجل، وتسن في الأقل سنة مؤكدة، وإليه رجع مالك وشهره في الإرشاد. القرافي: وهو ظاهر المذهب. خلاف؛ أي في ذلك خلاف ويتفرع على الخلاف أنه إن ترك آية منها سجد، أي وعلى كلا القولين اللذين ذكر المصنف إن ترك إمام أو فذ آية منها سهوا ولم يمكنه تلافيها، بأن ركع، فإنه يسجد قبل السلام، وكذا أقل من آية وأكثر سهوا، وقوله: "وإن ترك آية منها سجد"، قال ابن فرحون: وعلى هذا فإن ابتدأ المصلي بالفاتحة قبل أن يعتدل قائما، فينبغي أن يسجد قبل السلام إن كان قرأ في حال قيامه آية ونحوها: وتصح صلاته إن كانت فرضا أو نفلا. وأما على القول بأنه لا سجود عليه، فلا ينبغي أن يسجد في هذه الصورة؛ لأنه أتى بالفاتحة كلها لكن ترك الاعتدال في بعضها. وقد نصوا على أن الجماعة إذا صلوا في سفينة تحت سقفها منحنية رؤوسهم، قال مالك: صلاتهم أفذاذا على ظهرها أحب إلي من صلاتهم جماعة منحنية رؤوسهم؛ لأنهم تركوا تمام الاعتدال؛ وهو سنة. قال الشيخ أبو الحسن الصغير: وكذلك الصلاة في الخباء؛ نحو السفينة. انتهى. فلم يوجب عليهم بترك تمام الاعتدال شيئا. فتأمل ذلك. وعلى كل فحالة النفل أخف من حالة الفريضة؛ فينبغي أن لا سجود عليه، وشاركت في ذلك الشيخ الإمام العلامة الحافظ أبا عبد الله بن عرفة التونسي، فقال: حال النافلة في ذلك خفيف، فسألته عن الفريضة فلم يجب فيها بشيء، وذلك بالمدينة في سنة اثنين وتسعين وسبعمائة. انتهى وفيها حج الإمام ابن عرفة وسكن


(١) مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٣٩٥.