للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الواجب" (١).

وهذا هو الراجح، جمعًا بين الأقوال، وهو الذي قال به القرطبي، إذ يقول: "الإيمان والإسلام حقيقتان متباينتان، لغة وشرعًا، كما دل عليه حديث جبريل هذا وغيره، وهذا هو الأصل في الأسماء المختلفة، أعني: أن يدل كل واحد منهما على خلاف ما يدل عليه الآخر، غير أنه قد توسع الشرع فيهما فأطلق اسم الإيمان على حقيقة الإسلام، كما في حديث وفد عبد القيس، وكقوله: "الإيمان بضع وسبعون بابًا أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلَّا الله" (٢) وقد أطلق الإسلام مريدًا مسمى الإسلام والإيمان بمعنى التداخل، كقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (٣). وقد أطلق الإيمان كذلك أيضًا، كما روي من حديث علي مرفوعًا "الإيمان اعتقادٌ بالقلب وإقرار باللسان، وعمل بالأركان" (٤) " (٥).

والمازري أخذ بالقول الثاني، ففرَّق بين الإسلام والإيمان، ولكنه لم يذكر هذا التفصيل الذي قال به أصحاب القول الثالث، فعند شرحه لحديث سعد بن أبي وقَّاص الذي قال فيه: "يا رسول الله إني لأراه مؤمنًا، قال عليه الصلاة والسلام: أو مسلمًا" (٦) حيث قال: "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أو مسلمًا" دليل على التفرقة بين الإسلام والإيمان؛ لأن الإيمان التصديق، والإسلام الاستسلام والانقياد إلى الشرائع، والإيمان شعبة من ذلك، فكل إيمانٍ إسلام، وليس كل إسلام إيمانًا؛ لأنه قد ينقاد في الظاهر وهو


(١) الإيمان لابن تيمية ص (٢٠٤).
(٢) سبق تخريجه ص (١٣٨).
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٩.
(٤) سبق تخريجه ص (١٣٨).
(٥) المفهم (١/ ١٤٠).
(٦) سبق تخريجه ص (١٥٥).

<<  <   >  >>