للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله، والوقار حياءً من الله [ثم أطال في ذكر أحوال العارفين، وذكر ماورد عن السلف من الصعق وغيره عند سماع القرآن] ثم قال: فالجواب: أين الدر من الصدف، والمسك من الجيف؟ هيهات قياس الملائكة بالحدادين، والمحققين بالممخرقين، فإن كنت يا من لبس عليه، تدعي أنك على نعتهم فمت كموتهم، فتنبه لبهرجتك، فإن الناقد بصير، والمحاسب خبير" (١).

وقد بيَّن أن من كان يصرخ في حال خطبة الجمعة، فإما أن يكون مع ذلك ذهاب عقله، فقد انتقض وضوؤه فصلى بغير وضوء، ويكون قد تكلم في الخطبة وشوش على الحاضرين وأظهر بدعة في مجتمع الناس إلى ما في ذلك من الرياء والفسق (٢).

[هـ - في جهلهم بمفهوم التوكل]

من اعتقادات الصوفية ترك العمل، واعتقاد ذلك من كمال التوكل إذ العمل عندهم قادح في التوكل.

وقد بيَّن القرطبي فساد هذا الفهم، ومخالفته لهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وسنته، وذلك في مواضع كثيرة من المفهم، حيث قال مبينًا أن السعي في طلب الرزق لا ينقص التوكل: "المتفرغ للعبادة وطلب العلم لا يخل بحاله، ولا ينقص توكله اشتغاله بالنظر في مطعمه ومشربه وحاجته، كما يذهب إليه جهال المتزهدة" (٣).

وعند شرحه لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - الذي فيه أولئك النفر الذين سألوا عن عبادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكأنهم تقالوها ثم ذكروا


(١) المفهم (٦/ ١٦٠).
(٢) المفهم (٦/ ١٦١).
(٣) المفهم (٣/ ٧٤١).

<<  <   >  >>