للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المودة التي توجب الاختصاص بتخلل الأسرار والغنى عن الأغيار" (١).

وهذه المعاني التي ذكرها القرطبي صحيحة فإبراهيم عليه الصلاة والسلام صدق في محبة الله تعالى، وافتقر ولجأ إلى الله تعالى مع ما امتلأ به قلبه من محبة الله ومعرفته ومراقبته، ولكن كل هذا لا يبرر تأويل هذه الصفة التي هي من صفات الله تعالى كالمحبة، فنعلم أن الخليل كان شديد المحبة لله تعالى والله سبحانه كان شديد الص حبة له، والقرطبي أوَّل صفة المحبة وصرفها عن ظاهرها والخلة تابعة لها.

قال ابن كثير: إنما سمي خليل الله لمض مدة محبة ربه عز وجل له لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها" (٢).

[صفة الغيرة]

الغيرة صفة من صفات الله تعالى الثابتة بالأحاديث الصحيحة التي جاءت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومنها قوله: "أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن غيرة الله حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن" (٣).

وهي صفة كمال، إذ من لا غيرة له ناقص مذموم، وهو المسمى بالديوث، لذا وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربه بالغيرة؛ لأنها صفة كمال. وغيرة الله من جنس صفاته التي يختص بها، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق، بل هي صفة تليق بعظمته مثل الغضب والرضا ونحو ذلك من خصائصه


(١) المفهم (١/ ٤٢٩).
(٢) تفسير ابن كثير (١/ ٥٣٠).
(٣) رواه البخاري في كتاب التوحيد باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-"لا شخص أغير من الله" ح (٧٤١٦) (١٣/ ٤١١) ومسلم في كتاب اللعان ح (١٤٩٩) (١٠/ ٣٨٥).

<<  <   >  >>