للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون اعتمادنا في الأمور الغيبية على الأدلة السمعية، لكن لا مانع من أن نستدل بأدلة عقلية لإلزام من أنكر أن تكون المحبة ثابتة بالأدلة العقلية، مثل الأشاعرة الذين يقولون: لا يمكن أن نثبت المحبة بين الله وبين العبد؛ لأن العقل لا يدل عليه، وكل ما لا يدل عليه العقل فإنه يجب أن ننزه الله عنه.

فنحن نقول: نثبت المحبة بالأدلة العقلية كما هي ثابتة عندنا بالأدلة السمعية احتجاجًا على من أنكر ثبوتها بالعقل، فإثابة الطائعين بالجنات، والنصر والتأييد، وغير ذلك، هذا يدل بلا شك على المحبة، ونحن نشاهد بأعيننا ونسمع بآذاننا عمن سبق وعمن لحق أن الله عز وجل أيَّد من أيَّد من عباده ونصرهم وأثابهم، وهذا من الأدلة على محبته لمن أيَّدهم ونصرهم وأثابهم عز وجل" (١).

[صفة الخلة]

الخلة هي كمال المحبة المستغرقة لله حب وهي أخص من مطلق المحبة، قال تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥)} (٢)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا" (٣). ففي هذين الدليلين إثبات الخلة لله تعالى، وخلَّته سبحانه كصحبته، من صفاته المتعلقة بمشيئته، نثبتها له سبحانه على الوجه الذي يليق به، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة (٤).


(١) شرح العقيدة الواسطية (١/ ٢٤٠، ٢٤٦) بتصرف.
(٢) سورة النساء، آية: ١٢٥.
(٣) رواه مسلم في كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور ح (٥٣٢) (٥/ ١٧).
(٤) انظر: الفتاوى لابن تيمية (٥/ ٨٠) وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (٢/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>