للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني البيعة]

قال القرطبي: "البيعة: مأخوذة من البيع، وذلك أن المبايع يلتزم للإمام أن يقيه بنفسه وماله، فكأنه قد بذل نفسه وماله لله تعالى، وقد وعد الله تعالى على ذلك بالجنة، فكأنه قد حصلت له المعاوضة فصدق على ذلك اسم البيع والمبايعة والشراء، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (١) ... ثم هي واجبة على كل مسلم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" (٢) (٣).

وبيَّن القرطبي أنه لا يكتفى في البيعة بعقد اللسان فقال: "البيعة لا يكتفى فيها بمجرد عقد اللسان فقط، بل لابد من الضرب باليد كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (٤) ولكن ذلك للرجال فقط (٥). أي للرجال من أهل الحل والعقد، وإلَّا فعامة الناس يكتفى منهم بانعقاد قلوبهم على البيعة، وقد بيَّن القرطبي هذا في موضع آخر فقال: "من كان من أهل الحل والعقد والشهرة، فبيعته بالقول، والمباشرة باليد إن كان حاضرًا، أو بالقول والإشهاد عليه إن كان غائبًا، ويكفي من لا يؤبه له ولا يعرف أن يعتقد دخوله تحت طاعة الإمام


(١) سورة التوبة، الآية: ١١١.
(٢) رواه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال ح ١٨٥١ (١٢/ ٤٨٢).
(٣) المفهم (٤/ ٤٤).
(٤) سورة الفتح، الآية: ١٠.
(٥) المفهم (٤/ ٥٢).

<<  <   >  >>