للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السابع: شرح بعض أسماء الله تعالى]

تعرض القرطبي لبعض أسماء الله تعالى بالشرح والتَّوضيح في مواضع متعددة من "المفهم"، وأمَّا المازري فتعرض للقليل منها كعادته في الاختصار، وقد رتبتها هنا على حروف المعجم دون النظر لترتيب ورودها في المفهم، وهي كما يلي:

الأحد:

قال القرطبي حول هذا الاسم: "يدل على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع صفات الكمال المعظمة، وبيانه: أن الأحد والواحد وإن رجعا إلى أصل واحد لغة، فقد افترقا استعمالًا وعرفًا، وذلك: أن الهمزة من أحد منقلبة عن الواو من: وحد كما قال النابغة (١):

كأنَّ رَحْلي وقد زَالَ النَّهارُ بنا ... يوم الجليلِ على مُسْتأْنسٍ وَحِد (٢)

فهما من الوحدة، وهي راجعة إلى نفي التعدد والكثرة، غير أن استعمال العرب فيهما مختلف: فإن الواحد عندهم أصل العدد من غير تعرض لنفي ما عداه، والأحد يثبت مدلوله ويتعرض لنفي ما سواه، ولهذا أكثر ما استعملته العرب في النفي، فقالوا: ما فيها أحد ولم يكن له كفوًا أحد، ولم يقولوا هنا: واحد، فإن أرادوا الإثبات قالوا: رأيت واحدًا من الناس، ولم يقولوا هنا: أحدًا، وعلى هذا فالأحد في أسمائه تعالى مشعر بوجوده الخاص به، الذي لا يشاركه فيه غيره، وهو المعبر عنه بواجب الوجود، وربما عبَّر عنه بعض المتكلمين بأنه أخص وصفه" (٣).


(١) هو زياد بن معاوية الذبياني الشهير بالنابغة الذبياني من أشهر شعراء الجاهلية كان الشعراء يعرضون عليه أشعارهم في سوق عكاظ، كان نديمًا للنعمان بن المنذر ملك الحيرة وأكثر شعره في مدحه. الأعلام (٣/ ٥٤).
(٢) قاله في مدح النعمان بن المنذر ملك الحيرة واعتذاره إليه: انظر: ديوان النابغة الذبياني ص (٧٩).
(٣) المفهم (٢/ ٤٤١).

<<  <   >  >>