للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: جلوسه للتدريس]

جلس المازري للتدريس وتصدى له في زمن مبكر بعدما تقدم على أقرانه بما آتاه الله من الذهن الوقَّاد، والذَّكاء الحاد، لذا التفَّ حوله عدد كبيرٌ من طلَّاب العلم من بلده، والبلدان المجاورة، فقد عمَّت شهرته الآفاق، وطار صيته في البلدان، مما جعل الطلاب يتوافدون عليه، ويزدحمون على حلقته، وذلك لتميزه في سائر فنون العلم، لذا يجد كل طالب مبتغاه وحاجته، فهو في الفقه علم لا يبارى، إذ هو أبرز أعلام الفقه المالكي في عصره، قال القاضي عياض: "إمام بلاد إفريقية وما وراءها من المغرب، وآخر المستقلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد، ودقة النظر ... لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض في وقته أفقه منه ولا أقوم لمذهبهم" (١).

وكما برز في الفقه برز في أُصوله، ولا أدل على ذلك من شرحه للبرهان في أصول الفقه، قال السبكي (٢): "هذا الرجل - يعني المازري - من أذكى المغاربة قريحة، وأحدِّهم ذهنًا، حيث اجترأ على شرح البرهان لإمام الحرمين، وهو لغز الأمة الذي لا يحوم نحو حماه، ولا يدندن حول مغزاه إلَّا غواص على المعاني ثاقب الذهن، مبرز في العلم" (٣). وقال


= السنة، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (١٤٠٧ هـ)، (١/ ١٥٠). والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لمحمد بن عبد الملك المراكشي، السفر الخاص (٢/ ٥٧١).
(١) الغنية ص (١٣٢).
(٢) تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، فقيه، مؤرخ من أعلام الشافعية، توفي بدمشق سنة (٧٧١ هـ). الدرر الكامنة (٢/ ٤٢٥)، معجم المؤلفين (٢/ ٣٤٣).
(٣) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٦/ ٢٤٣).

<<  <   >  >>