للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أعمالهم وعباداتهم فرد عليهم - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " ... لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" (١).

فبعد شرح القرطبي لهذا الحديث واستخراجه لما يستفاد منه قال: "وعند الوقوف على ما أوضحناه من هذا الحديث يتحقق أن فيه ردًّا على غلاة المتزهدين وعلى أهل البطالة من المتصوفين إذ كل فريق قد عدل عن طريقه وحاد عن تحقيقه" (٢).

[٣ - المعتزلة]

فرقة ظهرت في أوائل القرن الثاني الهجري، وسلكت مسلكًا عقليًّا متطرفًا في مسائل العقيدة، وسموا بهذا الاسم لاعتزال زعيمهم واصل بن عطاء (٣) مجلس الحسن البصري رحمه الله.

وقد أكثر القرطبي والمازري من الرد عليهم، وتفنيد أقوالهم، وبيان خطأهم فيما ذهبوا إليه خصوصًا المازري إذ أكئر من الرد عليهم على غير عادته مع الفرق الأخرى، وربما سبب ذلك أن مذهب الاعتزال قابل مذهب الأشاعرة، وقد تصدى كثير من الأشاعرة للرد على المعتزلة تبعًا لمن ينتسبون إليه، وهو أبو الحسن الأشعري الذي كان على مذهب المعتزلة، ثم رجع عنه، وبين فساده فتابعه على ذلك غالب علماء الأشاعرة. وقد رد القرطبي والمازري عليهم في كثير من المسائل: فرد


(١) رواه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح ح (٥٠٦٣) (٩/ ٥) ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ح (١٤٠١) (٩/ ١٨٥).
(٢) المفهم (٤/ ٨٧).
(٣) واصل بن عطاء المعتزلي المعروف بالغزال متكلم أديب خطيب فصيح رأس المعتزلة وناشر مذهبهم الباطل أجمع السلف على ذمة توفي سنة (١٣١ هـ). سير أعلام النبلاء (٥/ ٤٦٤)، الأعلام (٨/ ١٠٨).

<<  <   >  >>