للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي بعد ذكره للأحاديث السابقة: "هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة والتابعين من بعدهم بالأحاديث الصحيحة" (١).

[٢ - الحرية]

ويشترط في الإمامة الحرية؛ لأن المملوك لا يحق له التصرف في شيء إلَّا بإذن سيده، فلا ولاية له على نفسه، فكيف تكون له الولاية على غيره، ووقته ليس ملكًا له، بل ملك لسيده. ولا شك أن في اشتراط القرشية ما يتضمن هذا الشرط.

وأما ما جاء في حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قوله: "إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا حبشيًا مجدع الأطراف" (٢).

فليس هذا معارضًا لاشتراط الحرية، قال القرطبي في شرح هذا الحديث: "وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - على جهة الإغياء على عادة العرب في تمكينهم المعاني وتأكيدها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من بنى مسجدًا لله ولو مثل مفحص قطاة بنى الله تعالى له بيتًا في الجنة" (٣) ومفحص قطاة لا يصلح لمسجد، وإنما هو تمثيل للتصغير على جهة الإنماء، فكأنه قال: أصغر ما يكون من المساجد. وعلى هذا التأويل لا يكون فيه حجة لمن استدل به على جواز


(١) شرح النووي لصحيح مسلم (١٢/ ٤٤١، ٤٤٢).
(٢) رواه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء من غير معصية وتحريمها في المعصية ح ١٨٣٧ (١٢/ ٤٦٧).
(٣) رواه ابن ماجة في كتاب المساجد والجماعات، باب من بنى لله مسجدًا، وابن خزيمة في جماع أبواب فضائل المساجد وبنائها وتعظيمها، باب فضل المسجد، وإن صغر المسجد وضاق وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (١/ ١٢٤).

<<  <   >  >>