للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث فرَّق -سبحانه وتعالى- بين المشركين وبين الكفار من أهل الكتاب، لأن كفر هؤلاء لم يكن من باب الشرك. لكن قد يرد الشرك ويراد به الكفر، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١).

قال الحافظ ابن حجر: "المراد بالشرك في هذه الآية الكفر، لأن من جحد نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- مثلًا كان كافرًا، ولو لم يجعل مع الله إلهًا آخر، والمغفرة منتفية عنه بلا خلاف" (٢).

[أنواع الشرك]

ينقسم الشرك بإطلاقه إلى قسميق:

الأول: الشرك الأكبر، وهو جعل مع الله سبحانه شريكًا في الألوهية كفعل الجاهلية، أو صرف العبادة أو بعض أنواعها لغير الله تعالى، أو إشراك معه غيره فيها، وهذا شركٌ أكبر مخرج من الملة.

الثاني: الشرك الأصغر، وهو من كبائر الذنوب، لكنه لا يخرج من الملة، وهو شرك ظاهر يتمثل في بعض الأفعال والألفاظ الشركية، كالحلف بغير الله وغيرها، ومنه الرياء ويسمى: بالشرك الخفي.

قال القرطبي: "أصل الشرك المحرم: اعتقاد شريك لله تعالى في إلهيته، وهو الشرك الأعظم، وهو شرك الجاهلية، ويليه في الرتبة اعتقاد شريك لله تعالى في الفعل، وهو قول من قال: إن موجودًا ما غير الله تعالى يستقل بإحداث فعل وإيجاده، وإن لم يعتقد كونه إلهًا، ويلي هذا في الرتبة الإشراك في العبادة، وهو الرياء، وهو أن يفعل شيئًا من العبادات


(١) سورة النساء، الآية: ٤٨.
(٢) فتح الباري (١/ ٨٥).

<<  <   >  >>