للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظ مخالفًا للأولى" (١).

وقال عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقل العبد: ربي، وليقل: سيدي قال: "إنما فرق بينها؟ لأن الرب من أسماء الله المستعملة بالاتفاق، واختلف في السيد هل هو من أسماء الله تعالى أم لا؟ فإذا قلنا: ليس من أسمائه فالفرق واضح، إذ لا التباس ولا إشكال يلزم من إطلاقه، كما يلزم من إطلاق الرب، وإذا قلنا: إنه من أسمائه فليس في الشهرة، والاستعمال كلفظ الرب فيحصل الفرق بذلك وأما من حيث اللغة فالرب مأخوذ مما ذكرنا (٢) والسيد من السؤدد وهو التقدم يقال: ساد قومه: إذا تقدمهم ولا شك تقدم السيد على غلامه فلما حصل الافتراق جاز الإطلاق" (٣).

[المطلب الرابع عشر: نسبة الحوادث إلى الدهر]

قال - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى: "يؤذيني - ابن آدم يسبُّ الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار" (٤).

قال القرطبي: "يراد بابن آدم هنا: أهل الجاهلية ومن جرى مجراهم ممن يطلق هذا اللفظ، ولا يتحرز منه، فإن الغالب من أحوال بني آدم إطلاق نسبة الأفعال إلى الدهر فيذمونه ويسفهونه إذا لم تحصل لهم أغراضهم ويمدحونه إذا حصلت لهم وأكثر ما يوجد ذلك في كلام الشعراء والفصحاء، ولا شك في كفر من نسب تلك الأفعال أو شيئًا منها للدهر


(١) المفهم (٥/ ٥٥٢).
(٢) قال الرب أصله من ربِّ الشيء والولد يربه ورباه يربيه: إذا قام عليه بما يصلحه ويكمله فهو: ربُّ ورابُّ. المفهم (٥/ ٥٥٣).
(٣) المفهم (٥/ ٥٥٤).
(٤) رواه البخاري في كتاب الأدب، باب لا تسبوا الدهر ح (٦١٨١) (١٠/ ٥٨٠) ومسلم في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها باب النهي عن سب الدهر (٢٢٤٦) (١٥/ ٥).

<<  <   >  >>