للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حياته]

لقد وقع الخلاف في حياة الخضر هل ما زال حيًّا أم أنه قد مات؟ حيث ذهب بعض العلماء إلى إثبات حياته وتعميره كالنووي والقرطبي المفسر وابن الصلاح (١).

وأما القرطبي فقد تعرض لهذه المسألة، ولم يرجح وإن كان يفهم من كلامه ميله إلى إثبات حياته.

حيث قال: "قد استدل بعض الحفاظ المتأخرين على بطلان قول من يقول: إن الخضر حي بعموم "ما من نفس منفوسة" (٢) فإنه من أنص صيغ العموم على الاستغراق، وهذا لا حجة فيه يقينية؟ لأن العموم -وإن كان مؤكدًا للاستغراق- فليس نصًا فيه، بل: هو قابل للتخصيص، لاسيما والخضر وإن كان حيًّا -كما يقال- فليس مشاهدًا للناس، ولا ممن يخالطهم حتى يخطر ببالهم حالة مخاطبة بعضهم بعضًا، فمثل هذا العموم لا يتناوله كما لم يتناول عيسى عليه السلام، فلأنه لم يمت، ولم يقتل، فهو حي بنص القرآن ومعناه، وكما لم يتناول الدجال مع أنه حي بدليل حديث الجساسة على ما يأتي، فإن قيل: إنما لم يتناول هذا العموم عيسى؛ لأن الله قد رفعه إليه، فليس هو على ظهر الأرض؛ لأن المراد بذلك العموم: من كان من النفوس على ظهر الأرض كما نص عليه في حديث ابن عمر، فالجواب: يمنع عموم الأرض المذكورة فيه فإنه اسم


(١) انظر: تفسير القرطبي (١١/ ٢٩)، وشرح مسلم للنووي (١٥/ ١٤).
(٢) ولفظه عند البخاري قوله عليه السلام: "أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد" رواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء ح ٦٠١ (٢/ ٨٨)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم "ح/ ٢٥٣٧، ٢٥٣٨ (١٦/ ٣٢٣، ٣٢٤).

<<  <   >  >>