للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي: "الوتر: الفرد، والشفع: الزوج، وأن معنى وحدانية الله تعالى: أنه واحد في ذاته، فلا انقسام له، وواحد في إلهيته فلا نظير له، وواحد في مُلكه ومِلكه فلا شريك له ... إن الله تعالى في ذاته وكماله وأفعاله واحد، ويحب التوحيد أن يوحَّد ويعتقد انفراده دون خلقه (١).

[المطلب الثامن: الأسماء المزدوجة]

عامة أسماء الله تعالى يطلق مفردًا ومقترنًا بغيره، كالقدير والسميع والبصير وغيرها. ومنها ما لا يطلق على الله مفردًا بل مقرونًا بمقابله، كالمانع والضار، والمنتقم، فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله، فإنه مقرون بالمعطي، والنافع، والعفو، فهو المعطي المانع الضار النافع المنتقم العفو المعز المذل؛ لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله؛ لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية، وتدبير الخلق والتصرف فيهم، عطاءً ومنعًا ونفعًا وضرًّا، وعفوًا، وانتقامًا، وأما أن يثنى عليه بمجرد المنع والانتقام والإضرار فلا يسوغ، فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مجرى الاسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض، فهي وإن تعددت تجري مجرى الاسم الواحد، ولذلك لم تجئ مفردة، ولم تطلق عليه إلَّا مقترنة (٢).

وقد أشار القرطبي إلى هذا فقال عند ذكر اسميه تعالى المقدم والمؤخر: "وهذان الاسمان من أسماء الله تعالى المزدوجة كالأول والآخر، والمبدئ والمعيد والقابض، والباسط، والخافض، والرافع، والضار، والنافع، فهذه الأسماء لا تقال إلَّا مزدوجة كما جاءت في


(١) المفهم (٧/ ١٧).
(٢) انظر: بدائع الفوائد لابن القيم (١/ ١٧٧).

<<  <   >  >>