للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[صفة الفرح]

الفرح صفة فعلية اختيارية ثابتة لله تعالى، يقول الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلَّا وحيٌ يوحى: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامُه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده لموت، فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده" (١).

قال الشيخ محمد خليل هراس في شرحه لهذا الحديث: "في هذا الحديث إثبات صفة الفرح لله عز وجل والكلام فيه كالكلام في غيره من الصفات أنه صفة حقيقية لله عز وجل على ما يليق به وهو من صفات الفعل التابعة لمشيئته تعالى وقدرته، فيحدث له هذا المعنى المعبر عنه بالفرح عندما يُحدثُ عبدُهُ التوبة والإنابة إليه، وهو مستلزم لرضاه عن عبده التائب وقبوله توبته" (٢).

قال القرطبي في هذه الصفة عند شرحه للحديمث: "هذا مثل قصد به بيان سرعة قبول الله تعالى لتوبة عبده التائب، فإنه يقبل عليه بمغفرته ورحمته، ويعامله معاملة من يفرح به، ووجه هذا المثل: أن العاصي حصل بسبب معصيته (وقوعه) (٣) في قبضة الشيطان وأسره، وقد أشرف على الهلاك، فإذا لطف الله تعالى به وأرشده للتوبة خرج من شؤم تلك


(١) رواه البخاري في كتاب الدعوات باب التوبة ح (٦٣٠٨) (١١/ ١٠٥) ومسلم في كتاب التوبة باب في الحض على التوبة والفرح بها ح (٢٧٤٤) (١٧/ ٦٧).
(٢) شرح العقيدة الواسطية ص (١٦٦).
(٣) لا توجد في الأصل وأثبتها هنا ليستقيم المعنى.

<<  <   >  >>