للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩)} (١).

فهم عبدوا الأصنام، وأشركوها مع الله تعالى في العبادة، مع إقرارهم بتفرد الله سبحانه وتعالى بالخلق والرزق، والإحياء والإماتة.

[المطلب الثالث: أدلة توحيد الربوبية]

تبين مما سبق أن الاعتقاد بوجود الله سبحانه أمرٌ فطريٌّ، لا يحتاج إلى دليل، ولكن انحراف بعض طوائف الملحدين، أوجد الحرص على إبراز الأدلة التي جاءت في الكتاب والسنة، والعقل السليم، والتي تدل على وجود الله سبحانه وتعالى، لرد أولئك إلى الفطر السليمة التي فطر الله الناس عليها.

قال شيخ الإسلام: "الإقرار بالخالق وكماله يكون فطريًّا ضروريًّا في حق من سلمت فطرته، وإن كان مع ذلك تقوم عليه الأدلة الكثيرة، وقد يحتاج إلى الأدلة عليه كثير من الناس عند تغير الفطرة وأحوال تعرض لها" (٢).

فهذه القضية مع وضوحها تخبط فيها بعض الناس، فأكثروا فيها من القيل والقال، واشتد النزاع وطال الجدال.

فأهل الكلام من المعتزلة وغالب الأشاعرة أنكروا المعرفة الفطرية التي في قلب العبد، وأوجبوا النظر لمعرفة الله تعالى -كما سبق-.

وأما أهل السنة والجماعة فقد استدلوا على وجود الله بعدة أدلة جاءت في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كدليل الفطرة، ودليل الخلق ودليل المعجزة، وهو ما ذهب إليه القرطبي -رحمه الله- موافقًا فيه السلف


(١) سورة المؤمنون، الآيات: ٨٤ - ٨٩.
(٢) الفتاوى (٦/ ٧٣).

<<  <   >  >>