للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث قال: "هذا الحديث يدل على أن السحر موجود وأن له أثرًا في المسحور، وقد دل على ذلك مواضع كثيرة من الكتاب والسنة بحيث يحصل بذلك القطع بأن السحر حقٌّ وأنه موجود، وأن الشرع قد أخبر بذلك، كقصة سحرة فرعون، وبقولِه تعالى فيها: {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)} (١) {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦)} (٢) إلى غير ذلك مما تضمنته تلك الآيات من ذكر السحر والسحرة، وكقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ... } إلى آخرها (٣). وبالجملة: فهو أمرٌ مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- عن وجوده ووقوعه، فمن كذب بذلك فهو كافر مكذب لله ولرسوله، منكر لما علم مشاهدة وعيانًا، ومنكر ذلك إن كان مستسرًا به فهو الزنديق، وإن كان مظهرًا فهو المرتد" (٤).

[حقيقة السحر وتأثيره]

أما هل للسحر حقيقة أم لا؟ فيه قولان لأهل العلم:

الأول: من قال: إن السحر تخييل فقط ولا حقيقة له، قال به جماعة من العلماء منهم ابن حزم الظاهري (٥)، وحجتهم في ذلك قوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦)} (٦). قال الحافظ ابن حجر في الرد عليهم: "هذه الآية عمدة من زعم أن السحر إنما هو تخييل ولا حجة له بها؛ لأن هذه وردت في قصة سحرة فرعون، وكان سحرهم كذلك، ولا يلزم منه أن


(١) سورة الأعراف، الآية: ١١٦.
(٢) سورة طه، الآية: ٦٦.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٠٢.
(٤) المفهم (٥/ ٥٦٨).
(٥) انظر: فتح الباري لابن حجر (١٠/ ٢٣٣).
(٦) سورة طه، الآية: ٦٦.

<<  <   >  >>