للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدمناه في غير موضع، فتعين تأويله هنا، وقد قيل فيه: لا مرتفع لأن الشخص: ما شخص وظهر وارتفع، وفيه بعد، وقيل فيه: لا شيء، وهذا أشبه من الأول، وأوضح منه، أي: لا موجود أولا أحد، وهو أحسنها، وقد جاء في رواية أخرى: "لا أحد" منصوصًا وأطلق الشخص مبالغة في تثبيت إيمان من يتعذر على فهمه موجود لا يشبه شيئًا من الموجودات لئلا يقع في النفي والتعطيل (١).

وقول القرطبي هذا مبني على أن لفظ "الشخص" إذا أطلق على الله تعالى يستلزم تشبيهه سبحانه بأشخاص المخلوقين، وهذا أصل فاسد، واعتقاد باطل، فإن لفظ الشخص هو ما شخص وارتفع وظهر، والله سبحانه وتعالى من المعلوم أنه أظهر من كل شيء، وأعظم فليس في إطلاق هذا اللفظ على الله تعالى محذور، وقد جاء على لسان الصادق - صلى الله عليه وسلم - فوجب قبوله، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.

قال الشيخ الغنيمان: "الشخص: هو ما شخص وبان عن غيره، ومقصد البخاري أن هذين الاسمين يطلقان على الله تعالى وصفًا له؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثبتهما لله وهو أعلم الخلق بالله تعالى ... قال في اللسان: "الشخص كل جسم له ارتفاع وظهور" والله تعالى أظهر من كل شيء وأعظم وأكبر، وليس في إطلاق الشخص عليه محذور على أصل أهل السنة الذين يتقيدون بما قاله الله ورسوله" (٢).

[إطلاق لفظ "الذات" على الله تعالى]

يصح إطلاق لفظة "الذات" على الله تعالى كقولنا: ذات الله، أو:


(١) المفهم (٤/ ٣٠٥).
(٢) شرح كتاب التوحيد (١/ ٣٣٠، ٣٣٤).

<<  <   >  >>