للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: المفاضلة بين الأنبياء]

إن فضل الأنبياء على عموم بني آدم أمر معلوم في شرع الله سبحانه وتعالى، لا ينكره إلَّا مكذب بالقرآن منكر للسنة. إذ اصطفاهم الله واختارهم، وخصَّهم بخصائص لم تكن لمن سواهم من سائر الخلق فلا يصل إلى منزلتهم أو يدانيهم في مكانتهم لا ولي ولا شهيد فضلًا عمن سواهم من سائر الخلق.

قال القرطبي: "النبي أفضل من الولي، وهذا أمر مقطوع به عقلًا ونقلًا، والصائر إلى خلافه كافر، فإنه أمر معلوم من الشرائع بالضرورة" (١).

وقال أيضًا: "من المعلوم من ضرورة الشرع ومن إجماع المسلمين على أن درجة الأنبياء وفضيلتهم أعظم من درجة الشهداء والأولياء" (٢).

فتفضيل الأنبياء على غيرهم أمر لا خلاف فيه بين أهل السنة. ولكن تكلم العلماء في المفاضلة بين الأنبياء، إذ قد جاءت نصوص من الكتاب والسنة يوحي ظاهرها بالتعارض، فقد قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} (٣) وقال تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} (٤)، وجاءت النصوص بتفضيل نبينا - صلى الله عليه وسلم - على سائر الأنبياء، لما خصه الله سبحانه به من الفضائل والكرامات التي لم تكن لمن سواه من المرسلين، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيد ولد آدم وأول من


(١) المفهم (٦/ ٢١٧)، وانظر: الفتاوى لابن تيمية (١١/ ٣٢١)، وشرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٧٤٢).
(٢) المفهم (٦/ ٣٨٦).
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٥٣.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٥٥.

<<  <   >  >>