للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبحدوده" (١)، وقال: "ومن المعلوم حال الأنبياء عليهم السلام وشجاعتهم وثقتهم بوعد الله ورغبتهم في الشهادة وفي لقاء الله ولم يثبت قط عن واحد منهم أنه فر أو انهزم" (٢).

ولذا حق علينا تعظيم هؤلاء الأنبياء واحترامهم وتنزيههم عن صفات النقص وعن الصفات الذميمة.

وقد رد القرطبي - رحمه الله - على من زل قلمه فجاءت عبارته بما لا يتناسب مع مقام الأنبياء، ولا يليق بمكانتهم، حيث قال: "ويعفو الله عن الحريري (٣) فإنه تسخَّف في هذه الآية (٤) وتمجَّن فاستدل بها على الكُدْيَة (٥) والإلحاح فيها، وأن ذلك ليس بعيب على فاعله، ولا منقصة عليه، فقال:

فإن رُدِدْت فما بالردِّ مَنْقَصَةٌ ... عليك قَدْ رُدَّ موسى قَبْلُ والخَضرُ (٦)

هذا لعبٌ بالدين وانسلال عن احترام النبيين فهي: شنشنة أَدبية، وهفوة سخافية، ويرحم الله السلف الصالح فإنهم بالغوا في وصية كل ذي عقل راجح، فقالوا: مهما كنت لاعبًا بشيء فإياك أن تلعب بدينك (٧).


(١) المفهم (٣/ ٥٧٥).
(٢) المفهم (٣/ ٦٢٠).
(٣) هو أبو محمد القاسم بن علي بن محمد البصري الحرامي - نسبة إلى محلة بالبصرة - الحريري صاحب المقامات أديب لغوي بليغ، توفي سنة (٥١٦ هـ). سير أعلام النبلاء (١٩/ ٤٦٠).
(٤) وهي قوله تعالى عن موسى والخضر {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} الكهف: ٧٧.
(٥) الكُدْية: الإلحاح في السؤال، انظر: لسان العرب (١٥/ ٢١٦).
(٦) مقامات الحريري ص (٣٢٦).
(٧) المفهم (٦/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>