للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخوة الحظ الأوفر؛ لأنها الأخوة اليقينية العامة، وانفردت الصحابة بخصوصية الصحبة. وأما قوله: "للعامل منهم أجر خمسين منكم" فلا حجة فيه؛ لأن ذلك - إن صح - إنما هو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه قد قال - صلى الله عليه وسلم - في آخره: "لأنكم تجدون على الخير أعوانًا ولا يجدون" (١) ولا بُعد في أن يكون في بعض الأعمال لغيرهم من الأجور أكثر مما لهم فيه ولا تلزم منه الفضيلة المطلقة التي هي المطلوبة بهذا البحث، والله أعلم" (٢).

[المفاضلة بين الصحابة]

لقد دلَّت نصوص الشرع على وقوع التفاضل بين الصحابة - رضي الله عنهم - قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠)} (٣). وهذا التفضيل لا يفضي إلى تنقيص المفضول إذ {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (٤). وقال ابن عمر - رضي الله عنه -: "كنا نخير بين الناس في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان" (٥) فأهل السنة على إثبات التفاضل بين الصحابة - رضي الله عنهم - وتفاوتهم في الفضيلة، فهم يقدمون الصديق رضي الله عنه ثم عمر على غيرهم من الصحابة، وهذا أمر


(١) سبق تخريجه ص (٧٤١).
(٢) المفهم (١/ ٥٠١).
(٣) سورة الحديد، الآية: ١٠.
(٤) سورة التوبة، الآية: ١٠٠.
(٥) رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣٦٥٥) (٧/ ٢٠).

<<  <   >  >>