للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوصف بالعلو. وأما التحيز العدمي -فهذا قد يطلقونه- كما هو الشأن في العالم، فقد يقولون إن العالم متحيز -أي ليس داخلًا في عالم آخر- وعليه فإن الحيز هنا أمر عدمي، والعدم ليس بشيء، فإذا كان كذلك، فإن الله تعالى بهذا الاعتبار منحاز عن خلقه" (١).

ولكن يجب إطلاق كلمة العلو والاستواء لا هذا اللفظ الذي لم يرد في الكتاب أو السنة، إنما أرادوا بإطلاقه نفي ما ثبت لله سبحانه وتعالى من علوه على خلقه واستوائه على عرشه، ونزوله إلى سمائه الدنيا تعالى الله تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.

وقولهم هذا بدعوى تنزيه الله تعالى أوقعهم بضد هذا التنزيه الذي ادعوه إذ هذا التنزيه المزعوم جعلهم يقولون: بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، فجمعوا بهذا بين النقيضين إذ يستحيل أن يكون الموجود لا داخل العالم ولا خارجه، وما ثم إلَّا الخالق والمخلوق، والمخلوق هو العالم، فإذا قيل ليس داخل العالم لزم أن يكون خارجه (٢).

ويلزم من قولهم هذا تشبيه الله تعالى بالممتنعات والمعدومات؛ لأنها يصدق عليها: لا داخل العالم ولا خارجه، فيكونون قد فروا من شيء توهموه شرًّا، إلى ما هو أشرُّ منه (٣).

[٥ - الحد]

الحد من الألفاظ المحدثة المحتملة للحق والباطل، ولذا نقل عن السلف إثباته ونفيه.


(١) انظر: نقض أساس التقديس (٢/ ١١٧، ١١٩) ودرء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٥٣، ٢٥٤).
(٢) انظر: التدمرية لابن تيمية ص (٣٦) وشرح النونية للهراس (١/ ١٧٦، ١٧٧).
(٣) انظر: التدمرية ص (٦١، ٦٤).

<<  <   >  >>