للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن أردت بالجسم ما له وجه ويدان وسمع وبصر، فنحن نؤمن بوجه ربنا الأعلى، وبيديه وسمعه وبصره، وغير ذلك من صفاته التي أطلقها على نفسه (١).

[٣ - حلول الحوادث والأعراض]

لقد نفى القرطبي والمازري - تبعًا للأشاعرة - صفات الله تعالى الفعلية بحجة أن إثباتها يؤدي إلى حلول الحوادث بالله تعالى، وقالوا: ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث (٢).

قال شارح الطحاوية: "حلول الحوادث بالرب تعالى المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيه ولا إثباته في الكتاب ولا في السنة، وفيه إجمال، فإن أريد بالنفي أنه لا يحلُّ في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة، أو لا يحدث له وصف متجدد لم يكن، فهذا نفي صحيح، وإن أُريد به نفي الصفات الاختيارية من أنه لا يفعل ما يريد ولا يتكلم بما شاء، ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته فهذا نفي باطل.

وأهل الكلام يطلقون نفي حلول الحوادث فيسلم السني للمتكلم ذلك على ظن أنه نفى عنه سبحانه ما لا يليق بجلاله، فإذا سلم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل وهذا غير لازم له" (٣).

وقال شيخ الإسلام في رد هذه الشبهة: "لفظ الأعراض والحوادث لفظان مجملان، فإن أريد بذلك ما يعقله أهل اللغة من أن هذه الأعراض


(١) انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم (٣/ ٩٣٩، ٩٤٣).
(٢) انظر: التبصير في الدين للإسفراييني ص (٩٦، ٩٧) والملل والنحل (١/ ٩٥).
(٣) شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٩٧).

<<  <   >  >>