للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحوادث هي الأمراض والآفات كما يقال: فلان عرض له مرض شديد، وفلان قد أحدث حدثًا عظيمًا ... ويقال: فلان به عارض من الجن، وفلان حدث له مرض فهذه من النقائص التي ينزه الله عنها" (١).

ثم بيَّن أنه إن أريد بنفي الأعراض والحوادث نفي صفات الله تعالى التي أثبتها سبحانه لنفسه، فإن هذا غير صحيح فجعل هذه الصفات أعراضًا وأحداثًا اصطلاح أحدثه علماء الكلام، والعلماء باللغة وبكتاب الله لا يفقهون من هذه الألفاظ هذا المعنى الذي اصطلحوا عليه ونفوا به صفات كماله وجلاله (٢).

ولا يلزم من إثبات الصفات الاختيارية لله تعالى كالخلق والإحياء والغضب والرضا ونحو ذلك، مما وصف الله به نفسه حلول الحوادث بالله تعالى؛ لأن الله سبحانه عندما يخلق أو يتكلم أو يغضب أو يرضى لا يكون الكلام قد حدث له بعد أن كان ممتنعًا عليه؛ لأنه سبحانه لم يزل متصفًا بصفات الكمال.

فحدوث الكلام والخلق والتصوير في وقت دون وقت "غير ممتنع ولا يطلق عليه أنه حدث بعد أن لم يكن ألا ترى أن من تكلم اليوم وكان متكلمًا بالأمس لا يقال: إنه حدث له الكلام ولو كان غير متكلم لآفةٍ كالصغر والخرس ثم تكلم يقال: حدث له الكلام، فالساكت لغير آفةٍ يسمى متكلمًا بالقوة بمعنى أنه يتكلم إذا شاء، وفي حال تكلمه يسمى متكلمًا بالفعل وكذلك الكاتب في حال الكتابة هو كاتب بالفعل ولا يخرج عن كونه كاتبًا في حال عدم مباشرته للكتابة" (٣).


(١) الفتاوى لابن تيمية (٦/ ٩٠).
(٢) انظر: الفتاوى (٦/ ٩١).
(٣) شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٩٧).

<<  <   >  >>