للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما أهل السنة فاتفقوا على عدم جواز التكليف، بما لا يطاق، وهو النوع الأول، وقد ذكر شيخ الإسلام الإجماع على ذلك (١).

وأما النوع الثاني فقالوا بجواز التكليف به للاتفاق على وقوعه في الشريعة، ولكنهم خالفوا في إطلاق ذلك عليه، فمنعوه لأن مضمونه أن فعل ما لا يفعله المكلف لا يطيقه، وإن كان بعض المنتسبين إلى السنة قد أطلقه في رده على القدرية (٢).

[المطلب الثامن: معنى الظلم]

لا شك أن الله سبحانه وتعالى حكمٌ عدلٌ، لا يظلم الناس شيئًا، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (٣)، وكقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)} (٤)، وكقوله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلتُهُ بينكم مُحرَّمًا، فلا تظالموا" (٥).

ولكن ما هو الظلم الذي ينزه عنه سبحانه وتعالى؟

وقع الخلاف في معنى الظلم، بناءً على مسألة التحسين والتقبيح، على ثلاثة أقوال:

الأول: من عرَّف الظلم بأنه التصرف في ملك الغير أو مخالفة الآمر الذي تجب طاعته، فيقولون: الظلم بالنسبة لله غير ممكن الوجود.


(١) الفتاوى (٨/ ٣٠١).
(٢) المرجع السابق (٨/ ٢٩٨، ٢٩٩).
(٣) سورة يونس، الآية: ٤٤.
(٤) سورة الأنبياء، الآية: ٤٧.
(٥) سبق تخريجه ص (٢٠٦).

<<  <   >  >>