للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول حقيقته ومكانته]

توحيد الألوهية هو إفراد الله تعالى بالعبادة، واستحقاقه لها وحده دون سواه قولًا وفعلًا وقصدًا. ويسمى هذا التوحيد توحيد العبادة، وتوحيد الطلب، وتوحيد القصد والإرادة.

وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أصل دين الرسل، ومفتاح دعوتهم الذي فاتحوا به أقوامهم، فكل رسول أرسل إلى قومه يدعوهم بقوله: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (١) كما أخبر الله عنهم في كتابه، وهذا التوحيد هو حقيقة دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحدٍ سواه، وهو معنى قول: "لا إله إلَّا الله" وهو الذي تضمنه قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٢). بل كل آية في القرآن فهي متضمنة لهذا التوحيد وحقوقه وجزائه، كما دلَّت على ذلك سورة "الفاتحة"، و"قل ياأيها الكافرون"، وأول سورة "الزمر" وآخرها، وأول سورة "يونس" ووسطها وآخرها، وأول سورة "الأعراف" وآخرها، وجملة سورة "الأنعام" وغالب سور القرآن (٣).

فمن أجل هذا التوحيد أنزل الله كتبه، وأرسل رسله، ومن أجله شرع الله الجهاد، ومن أجله خلق الله الجنة والنار، بل هو المقصود الأعظم من خلق الإنس والجن، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ


(١) سورة الأعراف، الآية: ٥٩.
(٢) سورة الفاتحة، الآية: ٥.
(٣) انظر: مدراج السالكين لابن القيم (٣/ ٤٤٩)، وتيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبد الله آل الشيخ (٣٦).

<<  <   >  >>