للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حاول الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض (١) الجمع بين القولين، فقال بعد أن أورد الأحاديث المبينة لعظم الحوض وطوله: "فإذا كان بهذا الطول والسعة فما الذي يحيل امتداده إلى ما وراء الجسر، فيرده المؤمنون قبل الصراط وبعده، فهذا في حيز الإمكان، ووقوعه موقوف على خبر الصادق والله أعلم" (٢).

[عظم الحوض ودفع دعوى الاضطراب في أحاديث تحديده]

لقد جاءت أحاديث كثيرة في بيان صفة هذا الحوض، وقع فيها بعض الاختلاف في تقدير مسافة الحوض، مما جعل بعض العلماء يحكمون على تلك الأحاديث بالاضطراب، فقال القرطبي في الرد عليهم: "قد اختلفت الألفاظ الدالة على مقدار الحوض، كما هو مبين في الروايات المذكورة في الأصل، وقد ظنَّ بعض القاصرين أن ذلك اضطراب وليس كذلك، وإنما تحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة إشعارًا بأن ذلك تقدير لا تحقيق، وكلها تفيد أنه كبير متسع متباعد الجوانب والزوايا، ولعل سبب ذكره للجهات المختلفة في تقدير الحوض أن ذلك إنما يكون بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات فيخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها والله أعلم" (٣).


(١) زيد بن عبد العزيز بن زيد بن فياض أحد العلماء المعاصرين المكثرين من التأليف درَّس في جامعة الإمام، وتولى قبلها عدة أعمال في الافتاء ورئاسة القضاء له العديد من المؤلفات منها: "نظرات في الشريعة" و"واجب المسلمين في نشر الإسلام" وغيرها. توفي رحمه الله في (٢١/ ١١/ ١٤١٦ هـ) علماء نجد للبسام (٢/ ٢٠٣) موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين لأحمد سعيد بن مسلم (٣/ ٧٠).
(٢) الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية لزيد الفياض ص (٣٣٩).
(٣) المفهم (٦/ ٩٢)، وانظر: (٦/ ٩٥)، وقد قرر الحافظ ابن حجر ما قرره القرطبي وحاول =

<<  <   >  >>