للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدجال، وهو مذهب أهل السنة، والذي دل عليه قوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (١) والأحاديث الكثيرة الصحيحة المنتشرة، وليس في العقل ما يحيل ذلك ولا يرده، فيجب الإيمان به والتصديق بكل ذلك، ولا يبالى بمن خالف ذلك من المبتدعة، ولا حجة لهم في اعتمادهم في نفي ذلك على التمسك بقول، : {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٢) وبما ورد في السنة من أنه لا نبي بعده ولا رسول (٣)، ولا بإجماع المسلمين علي ذلك، ولا على أن شرعنا لا ينسخ، وهذا ثابت إلى يوم القيامة، لأنا نقول بموجب ذلك كله؛ لأن عيسى عليه السلام إنما ينزل لقتل الدجال، ولإحياء شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وليعمل بأحكامها، وليقيم العدل على مقتضاها، وليقهر الكفار، وليظهر للنصارى ضلالتهم، ويتبرأ من إفكهم، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ويأتم بإمام هذه الأمة. والحاصل: أنه لم يأت برسالة مستأنفة ولا شريعة مبتدأة، وإنما يأتي عاضدًا لهذه الشريعة، وملتزمًا بأحكامها، غير مغير لشيء منها، والمنفي بالأدلة السابقة: إنما هو رسول يزعم أنه قد جاء بشرع مبتدأ، أو برسالة مستأنفة، فمن ادعى ذلك كان كاذبًا كافرًا قطعًا" (٤).

[٤ - يأجوج ومأجوج]

قال القرطبي: "يأجوج ومأجوج: يهمزان ولا يهمزان: لغتان وقرئ بهما فمن همزهما جعلهما من أجيج النار، وهو ضوءها وحرارتها وسمُّوا بذلك لكثرتهم وشدتهم، وقيل: من الأُجاج، وهو الماء الشديد


(١) سورة النساء، الآية: ١٥٨.
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٤٠.
(٣) سبق تخريجه ص (٦٨٨).
(٤) المفهم (٧/ ٢٩٢).

<<  <   >  >>