للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اقتضت حكمة اللّة، تعالى أن لا يرسل رسولًا إلَّا ويؤيده بالدلائل الواضحة والبراهين الساطعة علي صدقه، وصحة نبوته، كما قال تعالى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا} (١)، وقال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} (٢) أي بالمعجزات البينة، والشرائع الظاهرة، والعلامات الواضحة التي تدل على صدقهم (٣)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من الأنبياء نبي إلَّا أُعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر" (٤).

قال القرطبي: "الأنبياء دلَّت على صدقهم دلائل المعجزات (٥)، فمن ارتاب في صدقهم فجوابه بالمعجزات التي تدل قطعًا على صحة أقوالهم وصواب أفعالهم" (٦).

ودلائل النبوة التي يؤيد الله تعالى بها رسله تختلف من نبي إلى آخر فليست محصورة في المعجزات وليست من نوع واحد إذ المراد من الآيات الدلالة على النبوة بأي دليل كان، ومنها المعجزات لكونها خارجة على القدرة البشرية.

[المطلب الأول: المعجزة والكرامة]

كما يؤيد الله سبحانه رسله بالمعجزات، فإنه تعالى يكرم بعض


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٠١.
(٢) سورة الحديد، الآية: ٢٥.
(٣) انظر: فتح القدير للشوكاني (٥/ ١٧٧).
(٤) رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت بجوامع الكلم " ح ٧٢٧٤ (١٣/ ٢١٦١)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ح ١٥٢ (٢/ ٥٤٥).
(٥) المفهم (٧/ ٦).
(٦) انظر: المفهم (٥/ ٥٩٩).

<<  <   >  >>