للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاة لها فيؤدي إلى عبادة من فيها، كما كان السبب في عبادة الأصنام" (١).

فيكون تقريره هنا كالرد على كلامه السابق الذي فيه غلو في قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا شك أن تعظيم القبور من أعظم الذرائع إلى الشرك بالله تعالى.

[التبرك بالصالحين]

لقد ذهب القرطبي -رحمه الله- إلى جواز التبرك بالصالحين وبآثارهم، وذلك عند شرحه لحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- الذي قال فيه: "إن الناس نزلوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الحجر -أرض ثمود- فاستقوا من آبارها وعجنوا من العجين، فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة" (٢) قال القرطبي: "أمره لهم أن يستقوا من بئر الناقة دليلٌ على التبرك بآثار الأنبياء والصالحين، وإن تقادمت أعصارهم، وخفيت آثارهم" (٣).

وذكر في مواضع أخرى ما يدل على مذهبه في التبرك بآثارهم (٤)، والصواب أن قياس التبرك بالصالحين على التبرك بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ليس بصحيح، وذلك لأسباب كثيرة، منها:

١ - عدم مقاربة غير الرسول للرسول -صلى الله عليه وسلم-، فضلًا عن المساواة في الفضل


(١) المفهم (٢/ ٦٢٨).
(٢) رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب قوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} ح (٣٣٧٨) (٦/ ٤٨٠) ومسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا ح (٢٩٨١) (١٨/ ٣٢٢).
(٣) المفهم (٧/ ٣٥٥).
(٤) انظر: المفهم (١/ ٥٤٦) (٣/ ٥٦٩).

<<  <   >  >>