للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ج - القول للمملوك: عبدي، وللسيد: ربي]

قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقل أحدكم أطعم ربك، وضِّئ ربك، وليقل: سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي" (١).

قال الخطَّابي: "وسبب المنع أن الإنسان مربوب معبد بإخلاص التوحيد لله تعالى، وترك الإشرك به، فترك المضاهاة بالاسم لئلا يدخل في معنى الشرك، ولا فرق بين الحر والعبد، وأما من لا تعبد عليه من سائر الحيوانات والجمادات فلا يكره أن يطلق عليه عند الإضافة كقوله: رب الدار والثوب" (٢).

وقد اختلف في هذا النهي هل هو للتحريم، أم للأدب والتنزيه؟ خصوصًا مع ما ورد من النصوص المخالفة لهذا النهي.

قال القرطبي عن هذا الحديث: "هذا كله من باب الإرشاد إلى إطلاق اسم الأولى لا أن إطلاق ذلك الاسم محرم، ألا ترى قول يوسف عليه السلام: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} (٣) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن تلد الأمة ربَّها وربتها" (٤) فكان محل النهي في هذا الباب ألا تتخذ هذه الأسماء عادة فيترك الأولى والأحسن ... ولما كان ابتداء التربية وكمالها من الله تعالى بالحقيقة لا من غيره، كان الأولى بالإنسان ألا ينسب تربية نفسه إلَّا إلى من إليه الربوبية الحقيقية، وهو الله تعالى فإن مثل ذلك كان متجوزًا في


(١) رواه مسلم في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد ح (٢٢٤٩) (١٥/ ٨).
(٢) تيسير العزيز الحميد ص (٦٥٣).
(٣) سورة يوسف، الآية: ٤٢.
(٤) سبق تخريجه ص (١٣٧).

<<  <   >  >>